الري هو الطريقة الرئيسية خلف الإنتاجية الهائلة للزراعة الحديثة كما كان أساس الحضارة من ستة آلاف سنة، وعندما ينمو40% من محاصيل العالم على 17% من الأراضي المزروعة يصبح الري أكثر أهمية الآن عن أي وقت مضى؛ لأنه يعني مزيدًا من المحاصيل لعالم جائع. للإحاطة بهذه المسألة نفتح كتاب “كومة الرمل”” للمؤلفة سندرا بوستل.

لإطعام الأعداد المتزايدة من البشر المتزايد كان اعتمادنا على الري حتى وإن أوضحت الكاتبة المشهورة “سندرا بوستل” في كتابها “كومة الرمل” أن الري حقيقة غير مؤكدة في المستقبل.والكاتبة “سندرا بوستل” هي مديرة المشروع العالمي لسياسة الماء في “أمهرست” (ماساشوستس) وهي من كبار أعضاء مؤسسة “وارلدونش” والتي تحت رعايتها تم نشر هذا الكتاب وكتابها السابق “الواحة الأخيرة” عام 1992 والذي تم إعادة طبعة عام 1997.

ثلاثة عوائق تمنع تكثيف الري

ويحمل الكتاب: “كومة الرمل” نفس المخاوف التي تحملها معظم إصدارات “وارلدونش” الضغط الذي تحدثه الزيادة السكانية والتي لا تكف عن استهلاك المصادر الطبيعية، ولكنه يقوم بتبسيط المشكلة لكي يستطيع أن يدركها غير المتخصصين وهو في محتواه إشارة تنبيه.

تشير “سندرا” إلى أنه مع الزيادة المتسارعة في عدد السكان كان يجب التوسع في الزراعة أفقيا ورأسيا ولكن هناك ثلاثة عوائق تمنع التوسع أو تكثيف الري:

1- كميات المياه المحدودة التي ينتجها حوض أي نهر.

2- زيادة الملح في التربة نتيجة الري المتزايد بتزايد جني المحاصيل، والذي يجب أن يتبعه تطهير للتربة، لكن تكلفة هذا التطهير قد تكون في بعض الأحيان أعلى من تكلفة الري نفسه.

3- وربما أخطر اتجاه يختص بالكميات المستهلكة من المياه الجوفية المختزنة والتي تضخ منذ زمن بعيد في الأراضي الجافة والآهلة بالسكان مثل شمال الصين وغرب الهند والشرق الأوسط.

وتبدأ الكاتبة البحث وراء ازدهار هبوط المجتمعات الزراعية عبر الزمن وتلقي الضوء على التاريخ الطويل والمتداخل للري في آسيا ثم تأتي سريعًا للعالم الحديث ففي القرن التاسع عشر كان هناك فقط ثمانية ملايين هكتار من الأراضي يتم ريها أما الآن فهناك 240 مليون هكتار. وتعتقد الكاتبة أن عصر المشاريع الكبيرة على السطح قد انتهى، فتكلفة الري تزداد على مستوى العالم بينما الأسعار الزراعية في انخفاض مما يقلل من رأس المال المتاح لهذه الاستثمارات الثقيلة.

فرغم أن الحكومة المصرية مثلا تريد أن تزيد من الأراضي الصحراوية المستزرعة فإن كميات المياه التي يحملها النيل سنويا محدودة ويتم تقسيمها بين الدول التي يمر بها وبالتالي فقد يصل هذا إلى نزاع سياسي.

إن نظام الري السطحي مهدد بالإلغاء لتناقص كميات المياه في المناطق المختلفة من العالم، ولكن المشكلة المنتشرة وما تزال هي تملح التربة، والاستثمارات الهائلة التي تحتاجها الأراضي لتطهيرها ومشكلة التملح تواجه حوالي خمس الأراضي المروية على مستوى العالم.

وبالتالي فإن نظام الري الحالي يحتاج إلى الإصلاح في أساليب الري المتبعة ويتبع ذلك زيادة الإنفاق على منع تملح التربة.

تغير المناخ

هل ستؤثر مشكلة تغير المناخ على الري وعلى الأمن الغذائي للعالم؟ مع ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يزيد تبخر الماء من الحقول ويقل توقع سقوط الثلوج مع استمرار سقوط الأمطار، وبالتالي نقص المخزون الثلجي على قمم الجبال والذي يروي الأودية الغنية.

ومع أننا لا نستطيع أن نتوقع بكامل التفاصيل كيف ستتأثر الزراعة المروية في مكان معين مع زيادة درجات الحرارة إلا أن تغير المناخ سيشتت الأساس الحالي للتخطيط للمشاريع والذي يرتكز بشكل أساسي ومباشر على الظروف الحالية والماضية.وفي النهاية فإن الكاتبة ترى أن هناك العديد من المشاكل تحتاج إلى حلول عاجلة ولكن مشكلة الري تحتاج إلى إلقاء الضوء عليها بشكل أكبر، وإلى التعامل معها بشكل أسرع وأكثر جدية.


بثينة أسامة