في بداية الألفية خصصت إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب سرايا خاصة للنشر الإلكتروني؛ بعد أن كان هذا النوع يباع على استحياء في ركن صغير داخل بعض دور النشر، أو معرض أجهزة الكمبيوتر الذي يقام على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب.
الأمر الذي يُعد اعترافًا ضمنيًا بأهمية هذا النوع من النشر لدى الجمهور وعلى مدى انتشاره أيضًا؛ مما دفعنا إلى أن نسأل: ما مصير الكتاب في عصر النشر الإلكتروني؟ وهل سيتبادل الكتاب والأقراص الممغنطة المواقع خلال أعوام قريبة؟!.
في البداية أكد مدير شركة زاد للنشر الإلكتروني أن أكثر ما يُقبل عليه الجمهور هو الـ (CD) الخاصة ببرامج تعليم الأطفال القراءة والكتابة والصلاة، وقصص الأنبياء، والشيخ كشك، والشيخ القرضاوي، هذا غير الأقراص الخاصة ببرامج تعلم الكمبيوتر، وبرامج تعلم قراءة القرآن الكريم المزودة بالصوت لأهم المقرئين العرب، وأكثر جمهور أقراص تفسير القرآن للشيخ الشعراوي من العرب الذين يعيشون في أمريكا وكندا، ويطلبون أيضًا الدار الآخرة للشيخ عمر عبد الكافي وإعراب القرآن، والفقه وأصوله، وبرامج تعليم العربية للأجانب.
والإقبال في تزايد على دور النشر الإلكتروني حتى إن بعض دور نشر الكتب العريقة كدار نهضة مصر قد بدأت هي الأخرى تبيع أقراص الليزر أو (CD) بجانب إنتاجها وإصداراتها من الكتب والمطبوعات؛ حيث يرى مدير التسويق أن انتشار أجهزة الكمبيوتر واستخدامها قد أدى بالفعل إلى تراجع سوق الكتاب المطبوع، والأمر لم يعد خاصًا بالمصريين فقط، فالشباب العربي الذي حضر المعرض يؤكد هذا أيضًا حيث أصبحت أكثر البرامج مزودة بالصوت والصورة إلى جانب المعلومات المكتوبة، ويؤكد هذا أيضًا مدير مبيعات دار سفير للنشر الإلكتروني حيث يرى أن مبيعات الكتب المطبوعة سوف تتراجع أكثر وأكثر خلال الأعوام القادمة، فالوسائط الجديدة للنشر توفر الوقت والجهد للكثير من الشباب والمستخدمين عمومًا للحصول على معلومة معينة في ثوانٍ بسيطة، هذا بالإضافة إلى انخفاض أسعارها بالمقارنة بأسعار الكتب؛ فالقاموس المطبوع في كتاب يصل ثمنه إلى 50 جنيهًا وإلى أكثر من هذا أحيانًا؛ في حين أن الـ CD الخاصة ببرنامج المترجم لن تتكلف سوي 10 جنيهات وسيحصل منها على المعلومة في ثوانٍ. وهذا لن يؤثر على سوق الكتاب فقط بل على مكاتب الترجمة أيضًا والبقية تأتي.
بينما تتبنى بعض أصحاب دور النشر الإلكتروني فكرة عدم استطاعة النشر الإلكتروني إزاحة الكتاب المطبوع تمامًا عن موقعه، لأن أجهزة الكمبيوتر ستظل محدودة بين طبقات معينة من المجتمع لفترات طويلة، هذا بالإضافة إلى أن الكتاب سيبقى هو المرجع الذي يجب أن يظل موجودًا، خاصة للباحثين المدققين فالأقراص “المليزرة” تتعرض للتلف بسرعة، إلى جانب إمكانية تعرضها للفيروسات في المستقبل وللأعطال، ولهذا فهي مجرد مساعد أو وسيط لكنها ليست بديلاً عن الكتاب – والحديث على مسئولية أسامة الدلهماوي -قسم المبيعات بشركة R.D.I – والكتاب أيضًا سيظل المرافق في السفر وفي أي مكان، بينما الأقراص لا تعمل سوى عندما يكون هناك جهاز كمبيوتر متصل بالكهرباء.

الكتاب هو الكتاب

على الجانب الآخر كان رأي أصحاب دور النشر التقليدية مختلفًا فالبعض يرى – ومنهم عبد الجليل ناظم مدير الجناح المغربي بالمعرض- أن سوق الكتاب يتراجع لأسباب أخرى غير الوسائط الإلكترونية المتعددة التي تغزو الأسواق الآن، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الكتب وانشغال الناس عن القراءة بأجهزة الإعلام المختلفة كالتليفزيون والراديو وغيرها.
والبعض الآخر ومنهم دار الشروق ترى أن الكتب لها قارئها الذي لا يفضل نوعًا آخر من أنواع النشر، وفي ظل قانون حماية الملكية الفكرية لن يسمح لبعض الكتب بأنواع نشر أخرى، بالإضافة إلى أن متعة القراءة عن طريق الكتاب المطبوع تختلف عن القراءة بالكمبيوتر، وهناك من لا يستطيع استخدام الكمبيوتر حتى في القراءة بسبب مرضه أو ضعف بصره مثل كبار السن ومثل هؤلاء سيفضلون دائمًا الكتاب المطبوع الذي يمكن أن يصطحبونه في غرفة نومهم بسهولة ويسر.

للمثقفين رأي

في النهاية كان يجب أن نأخذ رأي الجمهور من الفريقين وكانت البداية للناقدة والكاتبة المصرية فتحية العسال التي قالت: الكتاب سيظل هو الكتاب وكل المستحدثات الجديدة لن تغني عنه وأنا لست قلقة عليه. وكذلك كان رأي د. محمد فتحي الريس -أستاذ الأدب الفارسي- الذي أفصح أن الكتاب لن يفقد أهميته رغم وجود وسائل حديثة لضغط ونقل المعلومات، بل ربما تصبح هذه الوسائط نفسها مما يشجع على الاحتفاظ بأهمية الكتاب حيث تبرز سهولة الاطلاع باستخدام الكتابة وتحبب الكثيرين في القراءة.. العادة التي بدأت تتراجع منذ سنوات. وهكذا أيضًا تؤكد الأديبة هالة البدري قائلة: الكتاب سيحافظ على خصوصيته فالتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة تطوره ولا تلغيه، وسيبقى الشكل التقليدي للكتاب هو الأساس. بينما كان رأي الكاتب الروائي محمد البساطي مختلفًا تمامًا، فهو يرى أن الكتاب المطبوع سوف يتراجع لصالح الثورة العلمية، وأن متعة القراءة من خلال الكتاب المطبوع كانت مرتبطة بالأجيال السابقة، أما جيل الكمبيوتر من الشباب فمن المرجح أنه سيتعود على القراءة من شاشة الكمبيوتر.

رأي الشباب

أخيرًا كان رأي الشباب الذين أكدوا – كما هو متوقع- سهولة استخدام الوسائط الإلكترونية المتعددة كبديل عن الكتاب ورخص سعرها، وأهميتها خاصة في استخراج المعلومات بسرعة في المراجعة أيام الامتحانات عن طريق إمكانيات البحث العالية في الكمبيوتر، ولهذا فسوق الكتب المطبوعة سوف تتراجع بالتأكيد خلال الأعوام القادمة مع زيادة إدخال المعلومات الموجودة بالكتب على الـ (CD)، ومع أهمية ما يثريه خاصة في مجال الصوتيات في تعلم اللغات الأجنبية وفي تعلم القرآن الكريم، وهو ما لا يستطيع الكتاب المطبوع القيام به..
لم يتبقى غير أن نقول نحن رأينا أيضًا .. لكن ما رأيكم أنتم؟! اعتقد أن أحدًا منا ليست عنده إجابة واحدة شافية .. وليس بإمكاننا جميعًا إلا أن ننتظر الإجابة الفعلية خلال الـسنـوات التالـية
.


اقرأ في نفس الزاوية: 10 نصائح تساعدك في الاستفادة من معرض الكتاب

منى درويش