سيدتي الفاضلة:
.. إنك على الطريق الصحيح.. إن ما ذكرته في رسالتك هو البداية الصحيحة والتوقيت المناسب لمصاحبة الأبناء.. إن البعض يتصور أنه يصادق أبناءه عندما يكبرون أو يكونون في سن المراهقة، في حين أنه في هذا الوقت يكون الأوان قد فات؛ لذا فإن النصيحة البسيطة هو أن تشعري أطفالك بالحب من طفولتهم المبكرة، فتصغي لهم وتسمعي؛ لأنك غدًا ستحتاجين لهذا السماع، فإذا لم تبدئيه اليوم فلن تحصلي عليه غدًا.عبِّري لها عن مشاعرك بالكلمة، وبالحركة، باللقمة، حتى تتعلم وتتعود أن تعبِّر هي أيضًا عن مشاعرها.. تفاهمي وتحاوري معها وعلميها حين تسأل، وأصغي إلى أسئلتها، ولا تنهريها حتى لا تضعي حاجزًا بينك وبينها.شاركيها في لعبها وهواياتها.. أشركيها معك في أعمالك البسيطة حتى تشركك غدًا في اهتماماتها وأفكارها.. إن المبادرة منا بهدوء وصبر ومنذ وقت مبكر.. إنها نظرية الارتباط Attachment theory التي تتحدث أن الطفل ولا بد له من نموذج ارتباط figure يتواصل معه إذا كان الحب، والحنان، والدفء، وهو لغة التعامل بين الطفل وأبويه، فإذا تعرض الطفل لأي أزمة فإنه يسرع إلى هذا النموذج يحتمي به ويلوذ. أما إذا اضطربت العلاقة فإن الطفل يبحث له عن نموذج بديل قد يكون صديقًا أو غيره، فإذا حدثت أزمة سعى لهذا النموذج بعيدًا عن أبويه اللذين لم ينجحا أن يكونا هذا النموذج، عرفت أيتها الأم فالزمي ولا تبالغي فيما يتم بتلقائية وطبيعية بدون تكلف، فهذا سيحقق النتائج المرجوة بإذن الله تعالى.

تبدأ صداقتنا مع أطفالنا منذ لحظة ولادتهم.. منذ شعورهم بفرحتنا بهم، ورغبتنا فيهم، وتلبية احتياجاتهم من طعام، ودفء، والأهم من ذلك من حب وحنان، وتستمر المراحل تسلم بعضها إلى بعض، فتكون الصداقة هي الثمرة الطبيعية لاهتمام بدأ منذ لحظة الولادة، هكذا قال علماء النفس وعلى رأسهم إريك أريكسون.