أطل القرن الثالث عشر الهجري على العالم الإسلامي، وهو في حالة شديدة من التخلف والإعياء، والفقر والجهل في الوقت الذي أخذت فيه أوروبا بأسباب التقدم والعلم، ونفضت ما كانت عليه من قبل من تخلف وهمجية حين غزت المشرق الإسلامي في أواخر القرن الخامس الهجري.

تغير الحال وأصبحت أوروبا هي التي تمسك بزمام العلم والتقدم، والتفوق الحضاري، وكانت صدمة المسلمين قاسية حين أدركوا الفرق الكبير بين أوروبا وما هم عليه، وكان العثمانيون أول الناس إدراكا لهذه الحقيقة، فبعد فترة من الفتوحات والانتصارات على الجبهة الأوروبية توقف كل شيء، وانحسر المد الإسلامي في أوروبا، ومنيت الدولة العثمانية بهزائم وانكسارات مدوية، وحاولت الدولة النهوض واللحاق بركب الحضارة ولكنها لم تفلح تماما.

وجاءت محمد السنوسي ديوان قابادو ونشره بعد وفاته في جزأين سنة (1294-1295هـ= 1877-1878م)، ثم نشرت آثار قابادو سنة (1404هـ=1984م) في مجلدين، تضمن المجلد الأول أشعاره، في حين ضم الجزء الآخر الآثار النثرية له، ومعظمها رسائل صغيرة وديباجات لكتب.

عاش قابادو التونسي حياته مكرما بين العامة والخاصة حتى آخر حياته التي كللها بتوليه مصب الإفتاء تأكيدًا على نبوغه في العلوم الشرعية إلى جانب العلوم الأخرى، وظل متوليًا هذا المنصب ثلاث سنوات حتى أصيب بدمل خبيث بين كتفيه عجز الأطباء عن علاجه، وكان سبب وفاته،

ولم يمهل قابادو التونسي المرض طويلا فتوفي يوم الأحد الموافق (3 من رجب 1288هـ= 7 من سبتمبر 1871م).


أحمد تمام

أهم مصادر الدراسة:

محمد محفوظ – تراجم المؤلفين التونسيين – دار المغرب الإسلامي – بيروت – 1405هـ= 1985م.
حنا الفاخوري – تاريخ الأدب العربي في المغرب – المكتبة البوليسية – بيروت 1982م.
خليل مراد بك – أعيان القرن الثالث عشر في الفكر والسياسة والاجتماع – لجنة التراث العربي – بيروت – 1971م.
محمد الفاضل بن عاشور – أركان النهضة الأدبية بتونس – تونس – 1962م.
مجموعة مؤلفين – دائرة المعارف التونسية – بيت الحكمة – قرطاج – الطبعة الأولى – 1990م. .