تمر الشمس خلال هذه الأيام بنقطة الذروة في دورة نشاطها التي تتكرر كل إحدى عشرة سنة، وخلال هذه الفترة يزداد ظهور البقع الشمسية على سطح الشمس، والتي تعني حدوث عواصف شمسية، وقد رصد العلماء مع بداية هذا الأسبوع عاصفة ضخمة نتجت عن بقعة شمسية كبيرة ومتزايدة تعد أكبر بقعة شمسية منذ عشرة أعوام، وقد أطلق عليها اسم Noaa 9393.

وتغطي تلك البقعة الشمسية مساحة تساوي مساحة سطح الكرة الأرضية ثلاث عشرة مرة حتى إنه يمكن رؤيتها بالعين المجردة عند النظر إلى الشمس، إلا أن العلماء ينصحون بعدم النظر إلى الشمس بصورة مباشرة حيث قد يؤدي هذا إلى الإصابة بالعمى.

وقد رصد العلماء اثنتين من القذائف المتوهجة (نفثات اللهب) خرجتا من تلك البقعة، إلا أن إحداهما كانت أكبر وأكثر نشاطا من الأخرى، وقد نتج عنها سحابة من الغازات شديدة الحرارة، انطلقت إلى الفضاء باتجاه الأرض. ويعتقد العلماء أن تصل إلى الأرض يومي 30 أو 31 مارس.

وتؤدي عادة مثل تلك السحب – والتي تكون محملة بالشحنات المغناطيسية ويصل وزنها إلى بلايين الأطنان كما تتراوح سرعتها في الفضاء من 12 إلى 1250 ميلا في الثانية – إلى خلخلة الفقاعة المغناطيسية التي تحيط بكوكب الأرض أو ما يطلق عليه “الماجنتوسفير”؛ مما ينتج عنه بعض الخلل في وسائل الاتصالات اللاسلكية سواء الأرضية أم عبر الأقمار الصناعية كما تؤثر على محطات القوى.

ويؤدي في بعض الأحيان ارتطام تلك السحب بالمجال المغناطيسي للأرض إلى ظهور بعض الأضواء الملونة ساحرة المنظر في سماء بعض الأماكن في أقصى شمال الأرض وأقصى جنوبها، وقد ظهرت مثل تلك الأضواء في ألاسكا وفنلندا.

 

ما هي البقع الشمسية ؟

البقع الشمسية هي بقع داكنة غير منتظمة الشكل توجد على سطح الشمس، وهي في الحقيقة عواصف مغناطيسية شمسية، وقد كان الصينيون هم أول من رصد تلك البقع على سطح الشمس بالعين المجردة، وكان ذلك في عام 28 ق. م، واعتقد “كبلر” أن مثل تلك الظاهرة ليست إلا عبور كوكب الزهرة أو عطارد لمدارهما حول الشمس، أما “جاليليو” فقد لاحظ تلك الظاهرة لأسابيع عديدة إلى أن استنتج أن تلك البقع عبارة عن حدث يحدث على سطح الشمس.

وفي عام 1843 استطاع الفلكي هاينريش شفابيه Heinrich Schwabe بعد أبحاث ومتابعة دامت أكثر من 17 عاما أن يثبت وجود دورة نشاط لتلك البقع الشمسية تدوم حوالي 11 عامًا، ومع تقدم التليسكوبات استطاع العلماء رصد الظاهرة ودراسة تأثيراتها بوضوح.

وتظهر تلك البقع على سطح الشمس بهذا اللون الداكن؛ لأن درجة حرارتها عادة تكون أقل من درجة حرارة المنطقة التي حولها؛ لذلك فهي دائما تظهر للناظر بهذا اللون الداكن، ويكمن السبب الرئيسي وراء انخفاض درجة حرارة تلك البقع في احتوائها على مجال مغناطيسي ضخم يؤدي إلى خفض الضغط داخل تلك البقع، وبالتالي خفض درجة حرارة الغازات المكونة لها، وعادة تكون مراكز تلك البقع أكثر دكنة من الأطراف.

وبدراسة تلك البقع لوحظ وجود حركة دوامية داخل تلك البقع مماثلة لتلك التي تحدث في الأعاصير على الأرض، وهي غير ثابتة في مكانها؛ نظرًا لغازية سطح الشمس، كما يقتصر حدوثها بين خطي عرض 5 و35 شمال خط الاستواء الشمسي وجنوبه؛ ولأن الشمس تدور حول محورها فإنه لا يمكن تتبع البقعة نفسها أكثر من أسبوعين.

عادة تتشكل تلك البقع من أزواج أو مجموعات من البقع الصغيرة تلتف حول بقعة أكبر وأطول عمرًا تكون هي القائد للمجموعة كما تحمل البقع الصغيرة شحنة مغناطيسية مضادة للشحنة التي تحملها البقعة الرئيسية، وتتحول الطاقة المغناطيسية الناتجة عن تجاذب تلك البقع إلى طاقة حرارية، فينتج بعض القذائف المتوهجة التي تكون كنفثات اللهب، التي بالتالي ينتج عنها سحب من الغازات شديدة السخونة تنطلق في الفضاء، وقد تصل إلى الأرض أو ترتطم بها محدثة خللا في المجال المغناطيسي للكرة الأرضية.

وحتى الآن لم يثبت العلماء لتلك الظاهرة أي آثار ضارة على البشر أو على الكائنات الأخرى، غير أن بعض العلماء يربطون بين تلك العواصف الشمسية عبر دورة نشاط الشمس وبين ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض أو ما اصطلح على تسميته الاحتباس الحراري؛ حيث يرون أن تلك العواصف التي تحدث خلال دورة نشاط الشمس هي السبب الحقيقي لارتفاع درجة حرارة الأرض عن معدلاتها الطبيعية وليس ثاني أكسيد الكربون.


بثينة أسامة – 2001