ولدت مي إلياس زيادة في مدينة الناصرة بفلسطين سنة (1304هـ = 1886) على أرجح الأقوال. والدها لبناني الأصل، وأمها فلسطينية، وظلت في الناصرة حتى بلغت الرابعة عشرة من عمرها، وهناك أتمت دراستها الثانوية.

وبعد انتقالها إلى “كسروان” بلبنان التحقت بمدرسة الراهبات في “عين طوبة” حيث ظهرت ميولها الأدبية نحو القراءة والكتابة، وكانت تخلو بنفسها كثيرًا للاستغراق في القراءة. وقد استطاعت أن تتقن الإنجليزية والفرنسية، وتقرأ بهما عيون الأدب الغربي.

هاجرت مي زيادة إلى القاهرة سنة (1329هـ = 1911م) مع والدها الذي أنشأ جريدة باسم “المحروسة” كانت مي تكتب فيها مقالات أدبية، وفي القاهرة أقبلت على الأدب العربي تقرأ عيونه وتتمثله تمثلاً حسنًا حتى أتقنت العربية، واستطاعت أن تترجم بعض الأعمال الأدبية الغربية إلى العربية بأسلوب بليغ، وبدأت تُعرف في الأوساط الأدبية بمصر.

سنة (1333هـ = 1914م) عقدت “مي زيادة” صالونها الأدبي الذي يعد أشهر صالون أدبي في مصر، كان يحضره أحمد لطفي السيد، ومصطفى صادق الرافعي، والعقاد، وهيكل وطه حسين وأنطون الجميل ومصطفى عبد الرازق وغيرهم من شيوخ الأدب وأئمة الفكر.

اشتهرت مي زيادة بقدرتها على الخطابة الرائعة في الأندية والمحافل، وعلى امتلاك قلوب مستمعيها ببيانها الرائع وصوتها العذب، وعُدت الخطيبة الأولى في العالم العربي.

نشرت مي زيادة في حياتها 13 كتابًا، أولها ديوانها بالفرنسية “أزاهير حلم” الصادر سنة (1329 = 1911م)، وقامت الأديبة السورية سلمى الحفار الكزبرى بجمع وتحقيق المؤلفات الكاملة لمي زيادة في مجلدين.

تأثرت مي زيادة بوفاة والدها سنة (1348هـ = 1929م) ثم والدتها بعد ذلك بسنوات، وأغلقت صالونها الأدبي وانفض الناس من حولها، وانتهى الأمر بهذه الموهبة الفذة إلى مستشفى الأمراض العقلية في العصفورية بلبنان سنة (1355هـ = 1936م)، ثم تدخل أصدقاؤها وأخرجوها من المستشفى، وعادت إلى القاهرة سنة (1358هـ = 1939م).

* توفيت مي زيادة بالقاهرة في (28 من رمضان 1360هـ = 19 من أكتوبر 1941م) وبكاها الأدباء والشعراء بكاءً مريرًا.


  أحمد تمامباحث مصري في التاريخ والتراث.