تنتشر الكثير من أنواع المخدرات ذات التأثيرات النفسية والفسيولوجية المختلفة في البلدان العربية والإسلامية، وفي هذا المقال نقدم أكثر هذه المواد شيوعًا مقسمة حسب تأثيراتها الصيدلانية.

أولاً: المثبطات (المهبطات)

وتتميز هذه المجموعة من أنواع المخدرات بتأثيرها المُهَبِّط لنشاط”الجهاز العصبي المركزي”، ومنها ما هو من أصل طبيعي، ومنها ما هو مستحضر من مركبات كيماوية (تخليقية)، ومنها ما يجمع بين ما هو تخليقي وأصل طبيعي.

المهبطات ذات الأصل الطبيعي:

الأفيون: يعتبر الأب الشرعي للمهبطات، ويحتوي على أكثر من 35 مركبًا كيماويًّا أهمها المورفين والكودايين، وتنمو شجرة الخشخاش، وهي المصدر الوحيد للأفيون في بلدان عديدة مثل الهند ويوغسلافيا إضافة لبعض البلدان الإسلامية مثل تركيا وأفغانستان وباكستان، ويختلف تعاطي الأفيون باختلاف عادات مدمني الشعوب، ففي مصر وبعض الدول العربية يتعاطى بالاستحلاب أو التدخين أو الابتلاع مع قليل من الشاي أو القهوة.

المورفين: يعتبر المركب الأساسي للأفيون الخام، وتتراوح نسبته من 6% إلى 7% من وزنه، ويستخدم على نطاق واسع في تخفيف الآلام، ويتم تعاطي المورفين عن طريق الحقن.

الكودايين: يوجد أيضًا في خام الأفيون، ولكن نسبة وجوده 0.5% إلى 2.5%، ويستخدم على نطاق واسع في أدوية السعال، وكذلك كمسكن للآلام.

المثبطات نصف التخليقية:

الهيروين: وهو من أخطر أنواع المخدرات، وأحد مشتقات المورفين وأكثر مواد هذه المجموعة انتشاراً وخطورة على المتعاطي، ومادته الأساسية هي المورفين التي تجرى عليه عملية كيماوية بسيطة تخصصت فيها بعض العصابات الدولية في معاملها السرية، مما يدخل عليه شوائب عديدة تُغَيِّر لونه من الأبيض الناصع إلى درجات أخرى تصل به إلى اللون البني، وما يزيد خطورته هو بعض المواد التي تضاف إليه مثل الكينين والكافيين، وأحيانًا مسحوق عظام الجمجمة، والأخير يسمى في مصر “أبو الجماجم” ويتم التعاطي عن طريق الشم أو الحقن بالوريد أو تحت الجلد.

المخدرات وحدة ومرض وموت

المثبطات التخليقية: هي مجموعة من العقاقير تُحَضَّر في المعامل من مركبات كيماوية دون أن تحوي أية مادة طبيعية، ولكنها تعطي تأثيرات مهبطة للجهاز العصبي.

بديلات المورفين: وهي مركبات تماثل المورفين في التأثير وليس في التركيب الكيماوي، مثل البيتيدين والديميرول، ويتم التعاطي عن طريق الحقن، وبعضها يستخدم في علاج الإدمان، ولكن أُسِيء استخدامها مثل الميثادون والنالوكسون وبعضها من مسكنات الآلام التي أُسِيء استخدامها أيضًا مثل اليوسيجون والبرولوكسفين.

ثانيًا: المنومات

وهي مجموعة تستخدم طبيًّا؛ لتخفيف حالات الأرق، ولكن أُسِيء استخدامها كغيرها وهي على نوعين:

أ – نوع يتفاوت تأثيره على الإنسان ما بين مفعول قصير جدًّا مثل البنتوثال أقصير وأشهرها السيكونال المعروف باسم “الفراولة” أو “الشياطين الحمر” أو متوسط المفعول مثل الأميتال، أو طويل المفعول مثل الفينوباربيتال، وجميعها تؤخذ على شكل أقراص أو كبسولات وأحيانًا أمبولات.

ب – أما النوع الثاني وهو من العقاقير التخليقية المنومة مثل الماندراكس والميثاكولون، وفي هذا النوع استحدث المتعاطون طريقة مغايرة للتعاطي هي سحق الأقراص لاستنشاقها، مما يعطي مفعولاً سريعًا، وثمة من يلجأ منهم لخلط هذه الأقراص مع مواد أخرى مثل الهيروين أو المشروبات الروحية مما قد يؤدي للوفاة.

ثالثًا: المهدئات

من بين أنواع المخدرات ما يسمى المهدئات وهي مجموعة من العقاقير التي في الأصل علاج طبي للقلق والتوتر وبعض حالات الصداع، لكن أسيء استخدامها، ولجأ المتعاطون إلى تناولها في كثير من الدول العربية والإسلامية بدون روشتة طبية، رغم إدراجها وغيرها من أدوية المخدرات في جداول المخدرات.

من هذه المهدئات المنتشرة الفاليوم – والآتيفان – الروهيبنول المعروف بأبي صليبة، ويسبب تعاطي هذه المركبات لمدد طويلة الاعتماد النفسي والجسماني.

رابعًا: المنشطات

وهي مركبات تقوم بتنشيط الجهاز العصبي:

المنشطات الطبيعية:

أ – الكوكايين: وهو أشهر أنواع المخدرات على الإطلاق، ويستخلص من نبات الكوكا الذي ينمو في أمريكا اللاتينية، لا سيما أحواض نهر الأمازون، وأيضًا في بيرو وكولومبيا، وكذلك في الهند وإندونيسيا.

الكوكايين مسحوق أبيض اللون هَشُّ الملمس، وذلك إذا كان نقيًّا، أما إذا خالطته الشوائب فإن لونه يتغير إلى ما هو أدكن بيج، ويتم التعاطي عن طريق الشم أو الحقن بينما يتعاطاه بعضهم عن طريق مضغ أوراق النبات ذاته.

ويمكن التعرف بسهولة على متعاطي الكوكايين عن طريق وجود ثقب بالحاجز الأنفي لهؤلاء الأشخاص نظرًا لوجود مادة حمض البوريك مخلوطة مع الكوكايين النقي.

ب – القات: وهو نبات يزرع في أفريقيا بكينيا والصومال، كما يزرع على نطاق واسع باليمن، حتى أنه يمثل جزءًا كبيرًا للناتج القومي لليمن وزراعته تتم على نطاق واسع على سفوح ومدارج الجبال، مما أدى إلى تراجع إنتاج البن اليمني الشهير.

نبتة القات

ويتم التعاطي القات عن طريق المضغ، كما يضاف في اليمن إلى الشاي أو البيبسي كولا، وبعد مضغه لعدة ساعات يلفظ المتعاطي الألياف المتخلفة عنه في الفم، وللقات مثل أغلب العقاقير المنشطة أضرار صحية كثيرة، وله تأثير مزدوج على الجهاز العصبي، بحيث يحدث تأثيرًا منشطًا في البداية تعقبه حالة من الهبوط في وظائف الجهاز العصبي.

المنشطات التخليقية:

الأمفيتامينات: وهي مجموعة من أهم العقاقير التخليقية؛ وذلك لقدرتها على مقاومة الإرهاق والإنهاك والنعاس، ولذا فقد أُسِيء استخدامها بين الطلبة الذين يستعينون بها للسهر في الاستذكار، وكذلك السائقون الذي يقودون لمسافات طويلة، وتستعمل لتقليل الشهية بغرض إنقاص الوزن، كما يسيء استخدامها بعض أبطال الرياضية لزيادة قدرتهم ونشاطهم فيما يمارسون من ألعاب، مثل ألعاب كمال الأجسام والمصارعة والملاكمة والعدو، وقد تحقن بها خيل السباق، ويسبب استعمال هذه العقاقير حالة من الهبوط التي تعقب حالة النشاط كما أن لها أضرارًا صحية عديدة، فقد تسبب حالات من الجنون والفصام، وأهم هذه العقاقير هي: الديكسافيتامين والميثافيتامين، وتتعاطى على هيئة أقراص وكبسولات، أو تذاب في الماء وتحقن في الوريد مع بعض الإضافات، كما توجد أيضًا على شكل سائل أصفر اللون يُسَمَّى بالماكستون فورت وهو سائل يحضر محليًّا بطرق بدائية، مما يجعله يحتوي على العديد من الشوائب، ويحقن به المتعاطي وأحيانًا تستخدم هذه العقاقير مع الهيروين، وهناك أيضًا عقاقير أسيء استخدامها ولها مفعول الأمفتامين مثل الديتالين والكتاجون، وكذلك أدوية التخسيس مثل اليتونات.

خامسًا: عقاقير الهلوسة

هي مجموعة من مواد كيماوية غير متجانسة تحدث اضطرابًا في النشاط الذهني وخللاً في التفكير والإدراك، وينتج عن تعاطي هذه العقاقير الهلوسة والتخيلات بحيث يتصور المتعاطي أن له قدرات خارقة، أو قد يصاب بفزع شديد واكتئاب بسبب ما يراه من خيالات وأوهام مما قد يؤدي إلى الانتحار، وعادة ما يشعر المتعاطي بأنه يسبح في رحلة من الأوهام السيئة (Bad Trips)؛ لذا يتم تعاطي مثل هذه العقاقير في مجموعات، حيث تقوم مجموعة بمراقبة المجموعة التي قامت بالتعاطي.

أ – المهلوسات الطبيعية: وهي توجد في بعض النباتات مثل حبوب مجد الصباح، وبعض أنواع عيش الغراب، كما يوجد نوع شهير في مصر يسمى الميسكالين والذي يستخرج من نبات صبَّار المسكال، إما على هيئة مسحوق بني اللون أو مكعبات صغيرة من أجزاء النبات المجففة أو على شكل كبسولات تحتوي على هذا المسحوق البني، هذا وقد أمكن تخليق المسكالين معمليًّا على هيئة مسحوق أبيض ويتم التعاطي عن طريق الشم أو الحقن.

ب – المهلوسات نصف التخليقية: يُعَدُّ عقار (إل – إس – دي) LSD هو أشهرها، ويسمى في بعض الدول العربية الأسيد، وتستخلص مادته الأساسية من فطر الأرجون، الذي ينمو على نبات الشوفان كما في بلاد الشام، ويُعَدُّ عقار LSD من أقوى المهلوسات المعروفة، ويوجد على هيئة أقراص رمادية اللون مستديرة ومتناهية الصغر، كما يوجد على هيئة كبسولات أو على شكل طوابع، ومما يوضح أثره الخطير امتداد مفعوله لأسابيع أو شهور.

ج – المهلوسات التخليقية: لعل أهمها هو عقار (ب.س.ب)، أو كما يسمى تراب الملائكة وهو مسحوق أبيض اللون، يذوب في الماء وتخالطه كغيره شوائب عديدة تغير من لونه، حتى يصل للون البني، وهو يباع على هيئة أقراص أو كبسولات، أو مسحوق أو سائل وقد يضاف إلى الحشيش ويدفن معه.

سادسًا: الحشيش

يستمد الحشيش أهميته كمخدر طبيعي من انتشاره عالميًّا بين مختلف البيئات والطبقات، وهو يستخلص من نبات القنب الهندي الذي ينمو بريًّا أو يزرع على حد سواء، وله أسماء شائعة لعل أشهرها الماريجوانا والبانجو، وتستخرج مادة الحشيش من الأوراق والقمم الزهرية لنبات القنب، ثم يشكل الإفراز الراتنجي المستخلص؛ ليأخذ صورًا عديدة من السيقان والكتل، أو يخلط ببعض المواد مثل الحنة، ويضغط على شكل “الطربة”، ثم يُلَفُّ بقطع من القماش أو يقطع إلى أجزاء صغيرة تلف في ورق السوليفان على النحو المعروف في تداوله.

وتحتاج زراعة الحشيش لتربة حارة نسبيًّا؛ لذا نجد أن زراعته تنتشر في بعض مناطق مصر الجنوبية، كما أن زراعته منتشرة أيضًا في بعض البلدان الآسيوية مثل باكستان وأفغانستان.

والحشيش السابق ذكره يسمى بالهبو أو الغبارة، وله تأثير قوي نظرًا لتكيف المواد الفعَّالة به، أما الأجزاء النباتية المتخلفة بعد استخلاص الحشيش فإنه يتم تجفيفها وسحقها وضغطها وتباع كنوع من الحشيش الأقل جودة ويسمى (الحشيش الكبس).

أما نبات الحشيش المسمى بالبانجو فإنه يجفف على حالته وتباع أجزاؤه كاملة؛ ولذلك يكون تأثير هذا النوع أشد من الحشيش الكبس.

وتجفف أوراق الحشيش – والتي لا تحتوي إلا على نسبة قليلة من المادة الفعالة – وتباع تحت اسم الماريجوانا، حيث يتم تدخينها على هيئة سجائر.

وتكمن خطورة الحشيش – وخاصة البانجو – في أنه يمكن زراعته بأقل التكاليف حتى في شرفات المنازل.

وهناك صورة أخرى من صور تداول الحشيش وهو “زيت الحشيش” الذي يتخذ هيئة سائلة لمادة لزجة بنية اللون غير قابلة للذوبان في الماء وهو سائل بالغ التأثير؛ لاحتوائه على نسبة عالية من المواد الفعالة من الحشيش، ويتم استخلاص هذا الزيت من نبات القنب بالمذيبات العضوية التي تتبخر بعد ذلك ليتبقى هذه المواد الفعالة مركزة فيه، وتُعَدُّ أفغانستان أكبر مناطق إنتاج زيت الحشيش.

والتدخين في السجائر أو الجوزة أو عن طريق حرقه في كوب واستنشاق بخاره هي أكثر الطرق شيوعًا في تعاطيه.

سابعًا: المستنشقات

وهي تسمى بالمذيبات الطيارة، والتي شاع تعاطيها في البلاد العربية أخيرًا، وهي شديدة الخطورة وتؤدي إلى الوفاة، كما أن سوء الاستعمال يؤدي إلى اضطرابات عقلية وأضرار بالغة بالكبد والكلى والقلب، وهي مؤثرة بصفة عامة على الجهاز العصبي.

كما تحدث أحيانًا حالات من التهيج والاحتباس تتلوها أعراض من الهذيان، أما إذا زادت الجرعة فإنها تفضي إلى الغيبوبة والوفاة، ومن هذه المواد البنزين، ومخفف الطلاء، ومزيل طلاء الأظافر، وسائل وقود الولاعات، ولاصق الإطارات والغراء، والكلة، وكذلك عوادم شكمانات السيارات.

نهاية المخدرات .. بين المحاكمة والسجن والموت

متفرقات: من بين أنواع المخدرات، انتشر في الآونة الأخيرة تعاطي بعض الأدوية التي لم تكن مدرجة ضمن أدوية المخدرات التي يدمنها المتعاطون، ومعظم هذه العقاقير لها تأثير على الجهاز العصبي المركزي مثل أدوية علاج (المرض) مرض شلل الرعاش، كما هو الحال في عقار الباركينول أو كما يسميه المدمنون في مصر “بالصراصير”، وله قدرة تدميرية على المخ، وكذلك بعض أدوية المسكنات وأدوية الكحة والتي أسيء استخدامها؛ لما لها من تأثير على الجهاز العصبي إذا تَمَّ التعاطي بصورة كبيرة مثل عقار الترامادول وكذلك الديكساميثورفان.


د.حسام عرفة