بسم الله ،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:-

لا بد في الحيوان المذبوح من شروط منها ما يشترط في آلة الذبح وهو أن تكون الآلة حادة تنهر الدم ، وتفري الأوداج فإذا لم تكن الآلة بهذا الوصف فلا يجوز الذبح بها ، ويكون المذبوح بها ميتة ، وأن يكون القطع في الحلق لا في مكان آخر ، وأن لا يذكر على الحيوان اسم غير الله ، وأن يذكر على الذبيحة اسم الله تعالى ، وأجاز بعض الفقهاء أكل الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها بشرط الذكر عند الأكل.

يقول الدكتور : يوسف القرضاوي :-

ما أبيح أكله من الحيوانات البرية نوعان: –
نوع مقدور عليه متمكن منه، كالأنعام من إبل وبقر وغنم، وغيرها من الحيوانات المستأنسة والدواجن والطيور التي تربى في المنازل ونحوها.
ونوع غير مقدور عليه ولا يتمكن منه.

أما النوع الأول فقد اشترط الإسلام لإباحته أن يذكى تذكية شرعية.
والذكاة الشرعية المطلوبة إنما تتم بشروط: –
1 -أن يذبح الحيوان أو ينحر بآلة حادة مما ينهر الدم ويفري الأوداج، ولو كان حجرًا أو خشبًا، فعن عدي بن حاتم الطائي قال: قلت: يا رسول الله، إننا نصيد فلا نجد سكينًا إلا الظرار(أي الحجر أوالمدر المحدد منه) وشقة العصا (أي من البوص) (هو القصب). فقال: (أمر الدم (أي أرقه) بما شئت واذكر اسم الله عليه). (رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان).

2 -أن يكون في الحلق أو اللبة (النحر) وذلك بقطع في الحلق يكون الموت في أثره، أو طعن في اللبة يكون الموت في أثره.

وأكمل الذبح أن يقطع (الحلقوم والمريء) – وهو مجرى الطعام والشراب (من الحلق) – والودجان(وهما عرقان غليظان في جانبي ثغرة النحر ) و لبعض الفقهاء اشتراطات في مسألة الذبح تركناها ؛ لأنه لم يأت نص صريح باشتراطها ولأن الذبح معروف بالفطرة والعادة لكل الناس – فلا داعي لهذه التعمقات والتشددات التي لا تتفق ويسر الإسلام وبساطته.

ولذلك اختلفوا فيها كثيرًا. هل الواجب قطع الأربعة: “الحلقوم والمريء والودجان” كلها أو بعضها؟ وهل الواجب في المقطوع منها قطع الكل أو الأكثر؟ وهل من شرط القطع ألا تقطع الجوزة إلى جهة البدن بل إلى جهة الرأس؟ وهل إن قطعها من جهة العنق جاز أكلها أم لا؟ وهل من شرط الذكاة ألا يرفع يده حتى يتم الذكاة أولا؟ … إلخ. وبكل طرف من طرفي السؤال قال بعض الفقهاء).
ويسقط هذا الشرط إذا تعذر الذبح في موضعه الخاص كأن يتردى الحيوان في بئر من جهة رأسه بحيث لا ينال حلقه ولا لبته، أو يند ويتمرد على طبيعته المستأنسة، لهذا يعامل معاملة الصيد، ويكفي أن يُجرح بمحدد في أي موضع مستطاع منه.
وفي الصحيحين عن رافع بن خديج قال: كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفرة فند بعير من إبل القوم، ولم يكن معهم خيل، فرماه رجل بسهم فحبسه فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا). (أخرجه البخاري).

3 – ألا يذكر عليه اسم غير الله.
وهذا مجمع عليه وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يتقربون إلى آلهتهم وأصنامهم بالذبح لأجلها: إما بالإهلال عند الذبح بأسمائها، وإما على الأنصاب المخصوصة لها، فحرم القرآن ذلك كله كما ذكرنا (وما أهل لغير الله به) (وما ذُبح على النصب). (المائدة: 3).

4- أن يذكر اسم الله على الذبيحة ، هذا هو الظاهر من النصوص، فالقرآن يقول: (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين) (الأنعام: 118). ويقول (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق). (الأنعام: 121).
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكلوا). (رواه البخاري وغيره).
ومما يؤيد إيجاب هذا الشرط الأحاديث التي صحت في اشتراط التسمية في الصيد، عند رمي السهم أو إرسال الكلب المعلَّم كما سيأتي.
وذهب بعض العلماء إلى أن ذكر الله لا بد منه، ولكنه ليس من اللازم أن يكون عند الذبح، بل يُجزئ عنه أن يذكره عند الأكل، فإنه إذا سمَّى عند الأكل على ما يأكله لم يكن آكلاً ما لم يُذكر اسم الله عليه. وفي صحيح البخاري عن عائشة أن قومًا حديثي عهد بجاهلية قالوا للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إن قومًا يأتوننا باللحمان لا ندري أذكروا اسم الله عليها أم لم يذكروا .. أنأكل منها أم لا؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (اذكروا اسم الله وكلوا).

والله أعلم .

الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي