بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

فالختان هو قطع الجزء الزائد في الأعضاء التناسلية التي يولد بها الإنسان : الجلدة التي تكون فوق رأس الذكر ، وتسمى : قلفة ، والجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول عند الأنثى، وتسمى : نواة ، واختلف الفقهاء في حكمه للذكر بين الوجوب والسنية ، وللأنثى بين الوجوب والسنية والاستحباب، ويكون الختان في الذكر بقطع الجلدة الزائدة كلها أو أكثرها، وفي الأنثى بقطع جزء من الجلدة الزائدة ولا يجوز قطعها كلها. والتفصيل كالآتي:
تعريف الختان:
الختان والختانة لغة : اسم من الختن ‏،‏ وهو قطع القلفة من الذكر ‏،‏ والنواة من الأنثى ‏،‏ كما يطلق الختان على موضع القطع ‏.‏ يقال ختن الغلام والجارية يختنهما ختنا ‏.‏ ويقال غلام مختون وجارية مختونة وغلام وجارية ختين ‏،‏ كما يطلق عليه الخفض والإعذار ‏،‏ وخص بعضهم الختن بالذكر ‏،‏ والخفض بالأنثى ‏،‏ والإعذار مشترك بينهما ‏.‏ ‏
‏ولا يخرج استعمال الفقهاء للختان عن معناه اللغوي ‏.‏

حكم الختان ‏:‏ ‏
‏اختلف الفقهاء في حكم الختان على أقوال ‏:‏
القول الأول ‏:‏ ‏
ذهب الحنفية والمالكية وهو وجه شاذ عند الشافعية ‏،‏ ورواية عن أحمد ‏:‏ إلى أن الختان سنة في حق الرجال وليس بواجب ‏.‏ وهو من الفطرة ومن شعائر الإسلام ‏،‏ فلو اجتمع أهل بلدة على تركه حاربهم الإمام ‏،‏ كما لو تركوا الأذان ‏.‏ ‏

‏وهو مندوب في حق المرأة عند المالكية ‏،‏ وعند الحنفية والحنابلة في رواية يعتبر ختانها مكرمة وليس بسنة ‏،‏ وفي قول عند الحنفية ‏:‏ إنه سنة في حقهن كذلك ‏،‏ وفي ثالث ‏:‏ إنه مستحب ‏.‏ ‏

‏واستدلوا للسنية بحديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا ‏:‏ ‏{‏ الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ‏}‏ وبحديث أبي هريرة مرفوعا ‏{‏ خمس من الفطرة الختان ‏،‏ والاستحداد ـ حلق العانة ـ ‏،‏ ونتف الإبط ‏،‏ وتقليم الأظفار ‏،‏ وقص الشارب ‏}‏ ‏فقد قرن الختان في الحديث بقص الشارب وغيره وليس ذلك واجبا ‏.‏ ‏

‏ومما يدل على عدم الوجوب كذلك أن الختان قطع جزء من الجسد ابتداء فلم يكن واجبا بالشرع قياسا على قص الأظفار ‏.‏
القول الثاني ‏:‏ ‏
ذهب الشافعية والحنابلة ‏،‏ وهو مقتضى قول سحنون من المالكية ‏:‏ إلى أن الختان واجب على الرجال والنساء ‏.‏ ‏

‏واستدلوا للوجوب بقوله تعالى ‏:‏ ‏{‏ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ‏}‏ وقد جاء في حديث أبي هريرة ‏-‏ رضي الله عنه ‏-‏ قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ اختتن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم ‏}‏ وأمرنا باتباع إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر لنا بفعل تلك الأمور التي كان يفعلها فكانت من شرعنا ‏.‏ ‏

‏وورد في الحديث كذلك ‏:‏ ‏{‏ ألق عنك شعر الكفر واختتن ‏}‏ قيل لمن أسلم، قالوا ‏:‏ ولأن الختان لو لم يكن واجبا لما جاز كشف العورة من أجله ‏،‏ ولما جاز نظر الخاتن إليها وكلاهما حرام ‏،‏ ومن أدلة الوجوب كذلك أن الختان من شعار المسلمين فكان واجبا كسائر شعارهم ‏.‏ ‏

‏وفي قوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏ إذا التقى الختانان وجب الغسل ‏}‏ دليل على أن النساء كن يختتن ‏;‏ ولأن هناك فضلة فوجب إزالتها كالرجل ‏.‏ ومن الأدلة على الوجوب أن بقاء القلفة يحبس النجاسة ويمنع صحة الصلاة فتجب إزالتها ‏.‏

القول الثالث ‏:‏ ‏
هذا القول نص عليه ابن قدامة في المغني ‏،‏ وهو أن الختان واجب على الرجال ‏،‏ ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن ‏.‏ ‏

‏‏‏مقدار ما يقطع في الختان ‏:‏ ‏
‏‏يكون ختان الذكور بقطع الجلدة التي تغطي الحشفة ‏ـ رأس الذكر ـ ،‏ وتسمى القلفة ‏،‏ والغرلة ‏،‏ بحيث تنكشف الحشفة كلها ‏.‏ ‏

‏وفي قول عند الحنابلة ‏:‏ إنه إذا اقتصر على أخذ أكثرها جاز ‏.‏ وفي قول ابن كج من الشافعية ‏:‏ إنه يكفي قطع شيء من القلفة وإن قل بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها ‏.‏ ‏

‏ويكون ختان الأنثى بقطع ما ينطلق عليه اسم القطع من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول ‏.‏ والسنة فيه أن لا تقطع كلها بل جزء منها ‏.‏ ‏

‏وذلك لحديث أم عطية ‏-‏ رضي الله عنها ‏-‏ ‏{‏ أن امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لا تنهكي ـ لا تستأصلى ـ فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل ـ الزوج ـ}‏ ‏.‏ ‏ (انتهى، نقلا عن الموسوعة الفقهية الكويتية)
والله أعلم.