في عصر المعلوماتية وثورة الاتصالات أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة من غير المتخيل فيها أن يعيش مجتمع أو حضارة منعزلا أو منعزلة عن المجتمعات والحضارات الأخرى.. والتأريخ مقوم أساسي من مقومات أي حضارة؛ حيث إنه وعاء وذاكرة وهوية، ومن غير المقبول أن يتخلى مجتمع عن ذاكرته وهويته؛ ومن هنا ظهرت فكرة المحولات التاريخية التي تسمح بالتحويل من تقويم إلى تقويم أو تقاويم أخرى.

في إطار الحديث عن التقاويم والمحولات التاريخية، نجد أن علماء التأريخ الإسلامي أدركوا منذ فجر الحضارة الإسلامية أهمية التواصل والامتزاج بين الحضارات؛ لذا اهتموا بالتقويم اهتماما كبيرا، فاحتل حيزا كبيرا في كتب علماء الهيئة المسلمين أو ما كان يعرف أيضا بعلم الأفلاك، وصححوا تقاويم سابقيهم لا سيما التقويم اليوناني الذي اعتبره البتاني (244 هـ – 317 هـ) في غاية الشناعة على حد تعبيره، فقام بتصحيح جداول بطليموس القلوذي بناء على القيام بالتجربة على 235 سنة مصرية.

وقد ساعد على نبوغ علماء المسلمين في علم الهيئة اعتمادهم على علم الرياضيات وعلم الهندسة، بحيث إن البتاني وغيره قاموا بعمل رسومات هندسية في غاية الدقة؛ لتأييد ما ورد في جداول تقويمهم.

كذلك سعى علماء المسلمين إلى مقابلة التقويم الإسلامي بتقاويم الشعوب التي عاصرتهم من الروم والفرس والسريان والقبط والمغاربة والترك والهنود والعبرانيين…ليس فقط من ناحية السنين وإنما بين الليالي والأيام، وتحويل بعضها إلى بعض، وذلك في شكل شروحات وافية أو جداول دقيقة، لا سيما تلك التي أوردها العلامة البيروني (ت 440 هـ) في كتابيه “القانون المسعودي في الهيئة والنجوم”، و”الآثار الباقية”..

و دائما في إطار الحديث عن التقاويم والمحولات التاريخية نجد أنه في العصر الحديث جرى العرف لدى المؤرخين المحدثين أن يربطوا بين التاريخين الهجري والميلادي؛ لصلة الأخير بنشاط العلوم والحضارة بعد أن دار الزمان دورته وتخلف المسلمون عن ركب الحضارة.. ونظرا لأهمية هذا الجانب فقد قام العديد من المستشرقين ومؤرخي العرب بعمل جداول للتقابل الهجري الميلادي، فمن المستشرقين:

– وستنفلد Wustenfeld

– لكوانlacoine

– كاتنوز Cattenoz

– جرينفيل Grenville

– الأب مورس اليسوعي  Maurice

وكذلك وجد في الشرق لا سيما في مصر ولبنان من اهتم بإقامة التقابل الهجري الميلادي، من أمثال:

– روفائيل صليبي من لبنان، نشر جداوله ببيروت سنة 1882 م

– الأب أنطون صالحاني اليسوعي من لبنان، ط بيروت سنة 1890 م

– محمد مختار باشا من مصر، حيث وضع كتابا بعنوان “التوفيقات الإلهامية في مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الأفرنكية والقبطية” ط بولاق 1311 هـ = 1891 م

– إبراهيم فخري بك، ط بيروت 1332 هـ = 1919 م

– أنطوان بشارة قيقانو من لبنان، نشر جداوله سنة 1966 م

 ومع انتشار الحاسوب وتطبيقاته بدأت تظهر فكرة المحولات التاريخية الإلكترونية التي اعتمدت في الغالب على معادلات تحكمها من قبيل:

* السنة الميلادية= 622 + (السنة الهجرية ×  0.969) [ مع ملاحظة أن 0.969 هي حاصل قسمة 33 على 32 ؛ لأن دورة الـ 33 سنة قمرية تكون في 32 سنة شمسية]، وتستعمل هذه المعادلة للتحويل من السنة الهجرية إلى السنة الميلادية.

* السنة الهجرية= (السنة الميلادية – 622) × 1.031[ مع ملاحظة أن 1.031 هي حاصل قسمة 32 على 33 ؛ لأن دورة الـ 33 سنة قمرية تكون في 32 سنة شمسية]، وتستعمل هذه المعادلة للتحويل من السنة الميلادية إلى السنة الهجرية.

مع ملاحظة أن المعادلتين السابقتين تستعملان لمعرفة السنة، أما إذا أردنا معرفة اليوم والشهر فإننا نتبع الخطوات التالية:

أولا- خطوات التحويل من الهجري إلى الميلادي:

1- نحذف السنة الهجرية التي لم تستكمل شهورها.

2- نحسب ما يكافئ السنين الهجرية من السنين الميلادية بضربها في (0.97023). [السنة الهجرية القمرية = 0.97023 من السنة الشمسية اليوليانية

والسنة الشمسية اليوليانية = 1.03071 من السنة الهجرية].

3- نضيف الناتج إلى المدة المنقضية من أول التاريخ الميلادي إلى اليوم من الشهر من السنة الهجرية المراد حساب مكافئه، فالناتج هو المكافئ بالسنين اليوليانية (الميلادي قبل تعديل بطريرك الفاتيكان جريجوري الثالث عشر).

4- نضيف إلى الناتج (13 يوما) للحصول على التاريخ وفق التقويم الجريجوري (الميلادي بعد تعديل بطريرك الفاتيكان جريجوري الثالث عشر).

مثال: ما المكافئ ليوم 10 صفر 1401 هـ؟

1- نحذف من تاريخ 1401 السنة التي لم تكتمل فيكون الناتج 1400

2- نضرب الباقي (1400) × 0.970203 = 1358.2842 سنة يوليانية

3- المدة المنقضية من أول التاريخ الميلادي إلى 10 صفر سنة 1401 تساوي: 621 سنة و 235 يوما + 1358.2842 سنة

= 621 سنة و 235 يوما + 1358 سنة و 104 أيام

= 1979 سنة + 339 يوما

إذن عام 1979 انتهى وجاء بعده 339 يوما، بداية من أول يناير عام 1980 وهذه الأيام تنتهي عند 5-12-1980.

4- نضيف إلى الناتج 13 يوما لنصل إلى التقويم الميلادي المعتمد:

فيكون الناتج النهائي 18-12-1980.

ثانيا: التحويل من الميلادي إلى الهجري:

ما التاريخ الهجري المكافئ لأول يناير 1980 م

نتبع خطوات معاكسة لما تقدم:

1- مضى على مبدأ التاريخ الميلادي إلى أول يناير 1980 مقدار 1979 سنة..

فنقوم بحذف (621.534) – وهي المدة المنقضية من مبدأ التاريخ الميلادي حتى مبدأ التقويم الهجري في (15 يوليو 622) – من 1979 فيبقى لدينا 1357.466 م وهي المدة من أول محرم السنة الأولى الهجرية إلى أول يناير 1980م.

2- نحسب ما يكافئ السنين الميلادية من السنين الهجرية بضربها في 1.03071

1357.466 × 1.03071 = 1399.1537 هجريا

= 1399 سنة هجرية + 0.1537 × 354.367 يوما قمريا

= 1399 سنة هجرية + 54.5 يوما

3- نتقدم بعد ذلك من أول المحرم سنة 1400 هـ بمقدار 55 يوما فنصل إلى 26 صفر.. وهذا يعني أن أول يناير 1980م يوافق 26 صفر 1400 هـ.

4- نطرح 13 يوما (التي كانت مضافة وفق التقويم الجريجوري) من الناتج فيكون أول يناير 1980 يوافق 13 صفر 1400هـ.


عماد حسين