قبل  التأريخ الهجري لم يعتمد العرب قبل الإسلام تقويمًا خاصًا بهم على الأرجح رغم اعتمادهم السنة القمرية وتقسيمها إلى اثني عشر شهرًا، وتسميتها بأسماء مختلفة كالتالي:

الأشهر الإسلامية : محرم – صفر – ربيع الأول – ربيع الآخر – جمادى الأولى – جمادى الآخرة – رجب – شعبان – رمضان – شوال – ذو القعدة – ذو الحجة

الاسم القديم – برواية المسعودي : ناتق – ثقيل – طليق – ناجر – أمنح – أحلك – كسع -زاهر – برط – حرف – نعس

شهور العرب الشمسية : ربعي – دفئي – ناتق – ناجر – سماح – آجر – بخباخ – خرفي -وسمي -برك – شيبان -ملحان – رنة

الأشهر السبئية الحميرية : ذو أبهي – ذو دنم – ذو دثأ – ذو حجتان – ذو حضر – ذو خرف – ذو مخظوم – نجوة -ذو فلسم – ذو فرع – ذو سلأم – ذو ثور

الأشهر العربية الجاهلية- برواية البيروني: المؤتمر – ناجر – خوان – صوان – حنتم – زبار – الأصم -عادل -نافق – واغل – هواع – برك

الأشهر الثمودية : موجب – موجر – مورد – ملزم – مصدر – هوبر – هوبل – موهاء – ديمر – دابر – حيفل – مسبل

وإنما اعتمدوا في تأريخهم لأحداث حياتهم على حوادث تاريخية مشهورة، مثل: عام الفيل وحرب الفجار وإعادة بناء الكعبة… وربما يرجع السبب في ذلك إلى الطبيعة العربية القديمة حيث الترحال وعدم الاستقرار وكثرة الحروب والمنازعات بين القبائل المختلفة، وعدم اجتماعهم على حادثة بعينها تكون بداية تأريخ لهم.

ومع ذلك فقد اتفقت القبائل العربية على احترام أشهر بعينها، أطلقوا عليها الأشهر الحرم وهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، حرموا فيها الاقتتال والغارات، ورغم ذلك لم تسلم من التحايل عليها، حيث لجئوا قبل الإسلام إلى نظام النسيء الذي يعطيهم الحق في تأخير أو تسبيق هذه الأشهر الحرم، واستمرت هذه العادة حتى جاء الإسلام وحرمها بقوله تعالى: “إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله…” (التوبة: 37).

وبعد مجيء الإسلام استمر العرب والمسلمون فترة من الزمن على ما كانوا عليه من قبل، يؤرخون بالأحداث الهامة، واستمر ذلك حتى بعد هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة المنورة، حيث لم تُعطَ السنوات تواريخ رقمية تدل عليها، وإنما أعطيت أسماء تدل على أشهر الحوادث التي وقعت بها، فالسنوات العشر التالية للهجرة وحتى وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أخذت الأسماء التالية:

1 – السنة الأولى: عرفت بـ”الإذن”.

2 – السنة الثانية: عرفت بـ”الأمر”.

3 – السنة الثالثة: عرفت بـ”التمحيص”.

4 – السنة الرابعة: عرفت بـ”الترفئة”.

5 – السنة الخامسة: عرفت بـ”الزلزال.

6 – السنة السادسة: عرفت بـ”الاستئناس”.

7 – السنة السابعة: عرفت بـ”الاستغلاب”.

8 – السنة الثامنة: عرفت بـ”الاستواء”.

9 – السنة التاسعة: عرفت بـ”البراءة”.

10- السنة العاشرة: عرفت بـ”الوداع”.

واستمر الوضع على هذه الصورة حتى تاريخ خلافة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الذي ارتأى حاجة الدول الإسلامية المتسعة الأطراف إلى تقويم خاص بها، وبعد مشاورات ومداولات مع وجوه الصحابة اتفقت الكلمة على أن يتخذ من هجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى المدينة مبدأ للتقويم؛ وذلك لأن الهجرة فرقت بين الحق والباطل، وكانت بداية حقيقية للدولة الإسلامية، وقد اتفق على أن يتخذ أول شهر محرم من السنة التي هاجر فيها الرسول (صلى الله عليه وسلم) مبدأ للتأريخ الإسلامي؛ لأنه من الأشهر الحرم، وأول الشهور في العد، ومنصرف الناس في الحج. علمًا بأن الهجرة لم تكن في هذا اليوم، وإنما سبقته بنحو 67 يومًا؛ حيث بدأت في أواخر أيام شهر صفر، ووصل النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة في 12 من ربيع الأول.

وتلقت الأمة هذه الخطوة الحضارية بالمباركة والقبول، حيث أعطت كينونة مستقلة للمجتمع المسلم الناشئ، وكانت بمثابة وعاء لحضارة جديدة ستملأ العالم، ومنذ هذه اللحظة بدأ التأريخ الإسلامي يأخذ طريقه إلى العالمية ويسير في ركاب الحضارة الإسلامية، وظل الوضع على هذه الحال قرونًا عديدة حتى تبدلت الأحوال.

محمد القاسم