الفكر الإنساني بلا تجديد ركود ناشز، فطبيعة الإنسان وفطرته تدعو إلى التجديد والتطوير، بل تعتبر عملية التجديد نسيج متلاحم للفكر الإنساني على اختلاف الأنساق الفكرية والعقدية، وهو شريان من شرايين البقاء في الحياة على صورة من العيش الكريم، ومعايشة التطور البشري بجميع أشكاله، سواء تلك التي يكون للإنسان دخل فيها، أم تلك التي يكون مجبرًا عليها، مساقًا إليها.

وكل محاولة للتجديد لا بد لها من محركات فكرية وعقدية وثقافية وحضارية، تشكل الأساس الذي تتحرك منه، والقاعدة التي تسير عليها، وتعطي معرفة بأهداف هذا التجديد، والغرض من وراء تلك العملية التجديدية.

ويعتبر المنطلق العقدي من أهم المنطلقات في عملية التجديد؛ إذ يحدد الوجهة المرادة، والطريق المسلوك. ولا بد للمجموعة البشرية التي تنظر إلى هذه العملية أن تراعي منطلقها العقدي.

ولكن هل يعني هذا أن المكون العقدي هو الأوحد في تشكيل عملية التجديد؟ وهل الاطلاع على النماذج والأنساق الأخرى والاستفادة منها تُعَدّ عائقًا عن السير في الطريق الصحيح لهذه العملية؟ وهل من العيب أن ينظر إلى الأنساق المغايرة للمنطلق العقدي أثناء إنشاء عملية التجديد؟ وهل لهذا أثر في تحديد الاتجاه المراد، وما يراد منه في نطاق المجموعة البشرية التي تقوم بهذه العملية التجديدية؟

وهل يتطلب الانفصال الحاد حتى يكون هناك نوع من التمايز والمغايرة والاستقلالية في طبيعة عملية التجديد؟

وهل للمواطنة في أرض غير التي نشأ فيها الإنسان أثر في تشكيل العقل التجديدي، سيرًا وراء التغيرات الاجتماعية والفكرية بحكم المخالطة المتغايرة، والمعايشة المتباينة، مما قد يحيد به عن التمايز الذي يبرزه المنطلق العقدي مع المواطنة التي تولد من وطن النشأة.

وما هو الطريق الأسلم للوصول إلى أسلمة المعرفة بنوع من الجمع بين الأصالة والمعاصرة؟

هذه الإشكاليات طرحها الباحث الجزائري عبد القادر قلاتي في ورقته حول تجديد الخطاب الديني.

عبد القادر قلاتي
03/09/2003