أرض فلسطين تشم فيها عبق التاريخ وعراقة الماضي، وبرغم مرارة الحاضر فإنها جميلة وحاضرة لكل من يراها أو يسمع عنها فقد أسدل الله عز وجل عليها بثوب الهيبة وحباها بنعم كثيرة وجمال جم، سنعرج عبر آيات القرآن والنفحات الإيمانية لكي نستنشق من خلال عبيرها الروحاني الناطق باسم هذه البلاد المباركة الجميلة، فقد نالت فلسطين من المكانة والتكريم ما لم تحظَ بها العديد من البلدان، فهي أرض الرسالات التي اختارها الله عز وجل دون غيرها ليبعث عليها أغلب الرسل والأنبياء. وهي أرض المحشر آخر محطات البشر على وجه الأرض، وكفاها شرفًا أنها استضافت أعظم رحلة في تاريخ البشرية (الإسراء والمعراج)، وقد توّج الله عز وجل هذا التكريم بذكرها في القرآن الكريم ليكون دليلا دامغًا وشاهدًا أبديًّا على عظمة هذه الأرض وعلوّ شأنها.

مواضع فلسطين في القرآن

في هذا الموضوع سأحاول جاهدًا أن أذكر معظم المواضع التي أشير فيها إلى بلادنا العزيزة في القرآن الكريم.

الموضع الأول

قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ( سورة الإسراء: 1).

أجمع المفسرون على أن المقصود بالمسجد الأقصى بيت المقدس، وسمّى الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام، ولم يكن حينئذ وراءه مسجد، ولقد وصف الله تعالى المسجد الأقصى بقوله: “الذي باركنا حوله”، أي بالأنهار والثمار والأنبياء والصالحين، فقد بارك الله سبحانه وتعالى حول المسجد الأقصى ببركاته في الدنيا والآخرة، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الأرض التي بارك الله فيها حول المسجد الأقصى هي فلسطين والأردن، وقال أبو قاسم السهيلي: قوله الذي باركنا حوله يعني الشام ومعناه في السريانية الطيب لطيبه وخصبه.
وقيل سمى الشام مباركًا؛ لأنه مقر الأنبياء وقبلتهم ومهبط الملائكة والوحي، وفيه يحشر الناس يوم القيامة.

الموضع الثاني

قال تعالى : {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} (سورة الإسراء: 4).

ذكر الشوكاني في تفسير الآية أن المراد بالأرض أرض الشام وبيت المقدس.

الموضع الثالث

قال تعالى : {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (سورة المائدة: 21).

روي عن ابن عباس وابن زيد في المقصود بالأرض المقدسة أنها أرض أريحا، وقال الزجاج: إن الأرض المقدسة هي دمشق وفلسطين وبعض الأردن، وعن قتادة أنها الشام وروى ابن عساكر عن معاذ بن جبل أن الأرض المقدسة ما بين العريش إلى الفرات.

الموضع الرابع

قال تعالى : {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (سورة الأعراف: 137).

روي عن الحسن البصري وقتادة في تفسير “مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها” أنها أرض الشام، وذكر الشوكاني أن الأرض هي أرض مصر والشام، ولكن ابن جرير الطبري استبعد كونها أرض مصر فقال: فإن ذلك بعيد عن مفهوم الخطاب مع خروجه عن أقوال أهل التأويل والعلماء بالتفسير، وعن زيد بن أسلم قال هي قرى الشام، وعن عبد الله بن شوذب: فلسطين، وعن كعب الأحبار قال: إن الله بارك في الشام من الفرات إلى العريش.

والمراد بالمباركة في أرض الشام قال الشوكاني (والمباركة فيها إخراج الزرع والثمار فيها على أتم ما يكون وأنفع ما ينفق). وذكر ابن جرير الطبري أن المراد بذلك (هو جعل الخير فيها ثابتًا دائمًا لأهلها).

الموضع الخامس

قال تعالى : {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} ( سورة الأنبياء: 71).

ذكر المفسرون أن الأرض هي أرض الشام وقيل بيت المقدس؛ لأن منها بعث الله أكثر الأنبياء، وعن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية: يريد نجينا إبراهيم ولوطًا إلى أرض الشام وكانا بالعراق.

الموضع السادس

قال تعالى : {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} (سورة الأنبياء: 81).

روي عن ابن عساكر أن (الأرض التي باركنا فيها) أرض الشام ووافقه في ذلك الشوكاني وكذلك ذكر الطبري في تفسيره وقال ابن تيمية (إنها كانت تجري إلى أرض الشام التي فيها مملكة سليمان).

الموضع السابع

قال تعالى : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} ( سورة الأنبياء: 105).

عن ابن عباس رضي الله عنه أن المراد بالأرض المقدسة (أي أرض الشام وفلسطين)، ووافقه في ذلك الشوكاني وذكر مجيد الدين الحنبلي في أحد الأقوال (أنها الأرض المقدسة ترثها أمة محمد .

الموضع الثامن

قال تعالى : {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآََكِلِيِنَ} ( سورة المؤمنون: 20).

ذكر القرطبي أن طور سيناء من أرض الشام، وقيل هو جبل فلسطين، وقيل إنه بين مصر وإيليا، ومنه نودي موسى عليه السلام، وذكر الشوكاني أنه جبل بيت المقدس.
المراد بالأراضي المقدسة أرض الشام وفلسطين أي أنها الأراضي التي ترثها أمة محمد.


الموضع التاسع

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} (سورة المؤمنون: 50).

أخرج ابن جرير عن مرة النهزي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “الربوة الرملة”، وعن ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنها (أي الربوة) الرملة من فلسطين، وقال قتادة وكعب: إنها بيت المقدس، وقال سدي: إنها فلسطين، وعن أبي العالية هي إيليا أرض بيت المقدس.

الموضع العاشر

قال تعالى: {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} (سورة يونس: 93).

المراد هنا بالمبوأ هنا المنزل المحمود المختار، وقيل هو أرض مصر، وقيل الأردن وفلسطين، وقيل الشام. وذكر محمد رشيد رضا في تفسير “مبوأ صدق” هو منزلهم (أي بني إسرائيل) من بلاد الشام الجنوبية المعروفة بفلسطين.

الموضع الحادي عشر

قال تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} (سورة مريم: 22).

ذكر المفسرون في معنى الآية أن مريم تنحت بالحمل إلى مكان بعيد، قال ابن عباس رضي الله عنه إلى أقصى الوادي، وهو وادي بيت لحم بينه وبين إيليا أربعة أميال، وإيليا أحد أسماء بيت المقدس.

الموضع الثاني عشر

قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ} (النور: 36).

البيوت هي المساجد عند أكثر المفسرين، وعن الحسن هو بيت المقدس يسرج فيه عشرة آلاف قنديل، وقال ابن زيد: إنها المساجد الأربعة الكعبة ومسجد قباء ومسجد المدينة وبيت المقدس.

الموضع الثالث عشر

قال تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} (سورة ق: 41).

روي عن ابن عباس في معنى قوله “من مكان قريب”، أي من صخرة بيت المقدس، وقال قتادة كنا نحدث أنه ينادى من صخرة بيت المقدس، وقال الكلبي وكعب: وهي أقرب الأرض إلى السماء.

الموضع الرابع عشر

قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} (سورة سبأ: 18).

ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن الحسن ومجاهد وقتادة وغيرهم أن المقصود بالقرى يعني قرى الشام، وكما نقل أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنه قوله: القرى التي باركنا فيها بيت المقدس، وقال ابن تيمية: “هو ما كان بين اليمن -مساكن سبأ- وبين قرى الشام القرى المباركة من العمارة القديمة”.

الموضع الخامس عشر

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ} ( سورة الحشر: 2).

المراد بأول الحشر أي جمعهم في الدنيا في بلاد الشام، والمقصود بأهل الكتاب هنا بني النضير حينما أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة، وذكر عن الزهري أنه قال: “كان جلاؤهم أول الحشر في الدنيا إلى بلاد الشام”، وقال ابن زيد: لأول الحشر الشام، وروي كذلك عن قتادة وذكر ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: من شك في أن أرض المحشر هنا يعني الشام – فليقرأ هذه الآية ثم ذكرها.

الموضع السادس عشر والسابع عشر

قال تعالى : {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} (سورة التين: 1 – 3).

اختلف المفسرون في المقصود بالتين والزيتون هل هو ذات الثمرتين أو أنهما إشارة إلى شيء آخر، وعلى الرأي الثاني اختلفوا أيضًا في تحديد المشار إليه، فعن ابن زيد التين مسجد دمشق والزيتون مسجد بيت المقدس، وعن ابن عباس رضي الله عنه التين مسجد نوح على الجودي والزيتون مسجد بيت المقدس. والقائلون بهذا القول ذهبوا إليه لأن القسم بالمسجد موضع العبادة والطاعة، فلما كانت هذه المساجد في هذه المواضع التي يكثر فيها التين والزيتون، وذهب جماعة أخرى من المفسرين أن المقصود بالتين والزيتون المدن التي تكثر زراعتها فيها، فعن كعب أن التين دمشق والزيتون بيت المقدس، وعن شهر بن جوشب التين الكوفة والزيتون الشام.

وذكر الشوكاني في سبب القسم “وطور سنين” إنما أقسم الله بهذا الجبل؛ لأنه بالشام وهي الأرض المقدسة، كما في قوله “إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”، وأعظم بركة حلت به ووقعت عليه تكليم الله لموسى عليه.
المقصود بالتين والزيتون المدن التي تكثر زراعتها فيها.

الموضع الثامن عشر

قال تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} (سورة البقرة: 58).

اختلف العلماء في تعيين القرية، فقال الجمهور: هي بيت المقدس، وقيل أريحا من بيت المقدس، وقال ابن كيسان: إنها الشام. وذكر الضحاك أنها الرملة والأردن وفلسطين وتدمر، وعن ابن عباس رضي الله عنه أن الباب المذكور في الآية يدعى باب الحطة من بيت المقدس.

الموضع التاسع عشر

قال تعالى : {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (سورة البقرة: 249).

ذكر قتادة في المراد بالنهر الذي ابتلاهم الله به هو نهر بين الأردن وفلسطين، وذكر الشوكاني عن ابن عباس رضي الله عنه أنه نهر الأردن، وعن ابن عباس أيضًا رضي الله عنه أنه نهر فلسطين.

الموضع العشرون

قال تعالى : {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة: 259).

ذكر القرطبي أن القرية المذكورة هي بيت المقدس في قول وهب بن منبه وقتادة وغيرهم والذي أخلى بيت المقدس حينئذ بختنصر وكان واليًا على العراق، وكذلك وافقه الشوكاني وجمهور المفسرين.

الموضع الحادي والعشرون

قال تعالى : {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} ( سورة النمل: 18).

ذكر فخر الدين الرازي أن وادي النمل واد بالشام كثير النمل، ويقع هذا الوادي بجوار عسقلان.

ومن الملاحظ في هذا الموضوع أن هناك أكثر من موضوع أشير فيه إلى بلادنا في خلال فترة صغيرة جدًّا من تاريخ فلسطين ما بين خروج بني إسرائيل من مصر مع سيدنا موسى عليه السلام ودخولهم أرضنا وحتى زوال ملكهم بعد تخريب بختنصر لبيت المقدس. والسبب في تركيز القرآن على هذه الفترة بالذات هو كثرة الأنبياء والرسل الذين بعثوا خلالها، فأراد الله عز وجل أن يقص على رسوله الكريم سير هؤلاء الأنبياء، وكذلك ليضرب الله للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين المثال لما كانت تقوم به بني إسرائيل من تكذيب لرسلهم وقتلهم إياهم حتى يصبر الرسول صلى الله عليه وسلم على إيذاء الكفار.

محمد رفيق أبو شرخ – كاتب فلسطيني