الفصل الأول: الحج في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم {وأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أو بِهِ أذًى مِن رأَسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أوْ صَدَقَةٍ أو نُسُكٍ فَإذَا أَمِنتُم فَمَن تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا استَيْسَرَ مِنَ الهَدْي فَمَن لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذَا رَجَعْتُم تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لم يَكُن أهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ * الحَجُّ أشْهُرٌ معلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى واتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ * لَيْسَ عَلَيْكُم جُنَاحٌ أن تَبتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُم فَإذَا أفَضْتُم مِّنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الحَرَامِ واذْكُرُوهُ كما هَدَاكُم وإن كُنتمُ من قَبْله لِمَنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِن حَيْثُ أفَاضَ النَّاسُ واسْتَغفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم * فَإذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّه كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُم أو أشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ من يَقُولُ رَبَّنا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ومَا لَهُ في الآخِرَةِ مِن خَلاق * وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ * واذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ معْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ في يَومَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى واتَّقُوا اللَّهَ واعْلَمُوا أنَّكُم إِلَيْهِ تُحْشَرُون}. (البقرة: 195- 203).

شرح المفردات:

وأتموا الحج والعمرة لله: أي إذا بَدأتم مناسِكها وجَب عليكم إتمامها، وإذا فاتكم ذلك وجب القضاء.

أحْصِرتُم: الإِحصار هو المنع من إتمام المناسِك بسبب عَدو أو غيره.

استَيْسَر: تيسَّر.

الهَدْي: ما يُهدى من الأنعام تقرُّباً إلى الله، وعند الإِحصار ذَبح شاة على الأقل.

مَحِلّه: أي المكان الذي يُذبح فيه، وهو مِنى للحاج، والمروة للمعتمر.

صيام أو صَدقة أو نُسك: من كان لا يستطيع الحلق لمرض أو أذى فعليه الفِدية صِيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة.

فإذا أمِنتم: من الأمان أي إذا استَطعتم إتمام المناسك.

فمن تمتَّع بالعمرة إلى الحج: التَّمتع هو الإِحرام من الميقات بالعمرة، فيدخل مكة ويعتمر، ثم يتحلل من الإِحرام ويَعود إلى الحياة العاديَّة منتظراً يوم الثامن من ذي الحجة، حيث يحرم بالحج ويتابع المناسك. فهو في فَترة انتظار مَوعد الحج يتمتع بكل شيء، ولذلك يَجب عليه ذَبح شاة، فإن لم يجد فَصِيام عشرة أيام، ثلاثة في الحج، وسبعة بعد الرجوع إلى بلده. وهذا التمتع لمن ليس من أهل مكة أو المقيمين فيها.

أشهر معلومات هي: شوال، وذو القعدة، وعشرة أيام من ذي الحجة.

فرض فيهنَّ الحج: أوجب على نفسه إتمامه بالإِحرام.

فلا رَفث: الرفث هو ذِكر الجماع ودَواعيه، ويأتي كناية عن الجِماع.

ولا فُسوق: إتيان المعاصي.

ولا جِدال: المناقشة والمشادة حتى يُغضب الرجل صاحبه.

وتزودوا: زاد السفر وزاد التقوى، فقد كان بعض العرب في الجاهلية يخرجون للحج بغير زاد، ويقولون: نحجّ بيت الله ولا يطعمنا؟؟.

أن تَبْتَغوا فضلاً: تحرَّج المسلمون من التجارة في الحج، فنزلت هذه الآية تبيح ذلك كما روى البخاري.

فإذا أفَضْتُم: أي نزلتم.

المَشْعَر الحرام: هو المزدَلِفة.

ثم أفيضوا من حيثُ أفاض الناس: كانت قُريش تَقف بالمزدَلفة وسائِر العَرب في عَرفات، فأُمرت قريش أن تقف مع الناس، وتفيض من حيث أفاض الناس.

أيام مَعدودات: هي أيام التشريق 11- 12- 13 من ذي الحجة.

حول مناسك الحج

قال تعالى :  {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ويَصُدُّونَ عَن سَبِيل اللَّهِ والمَسْجِدِ الحَرَامِ الذي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ والبَادِ ومَن يُرِدْ فِيهِ بإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أن لا تُشْرِكْ بِي شَيئاً وطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ والقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ويَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى ما رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْها وأَطْعِمُوا البَائسَ الفَقِيرَ * ثُمَّ ليَقْضُوا تَفَثَهُمْ ولْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ولْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ واجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأنَّما خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّم شَعَائر اللَّهِ فَإنَّها مِن تَقْوَى القُلُوبِ * لَكُم فِيهَا مَنَافِعُ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إلى البَيْتِ العَتِيقِ، ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنَسكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فإلهُكُم إلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ المُخبِتينَ * الَّذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ والصَّابِرِينَ عَلَى مَا أصَابَهُم والمُقِيمي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُم يُنفِقُونَ * والبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم من شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُم فِيهَا خَيرٌ فاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرنَاها لَكُم لَعَلَّكُم تَشْكُرُون * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُها ولَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ}. (الحج: 24- 37).

شرح المفردات:

العاكُف فيه: المقيم.

الباد: الظّاهر: من بدا أي ظهر، والمقصود هنا الزائر.

بإلحاد: من يُرد فيه إلحاداً، أي عَملاً مخالفاً للدين وطاعناً فيه، والباء زائدة أي (من يرد فيه إلحاداً بظلم)

بَوَّأنا: هَيأنا.

رجالاً: أي على أَرجلهم.

وعلى كل ضامر: أي ركوباً على كل دابة ضمرت من التَّعب والجوع بسبب السفر.

فج: الفج هو الطريق الواسع بين جبلين.

ويذكروا اسمَ الله في أيام معلوماتٍ على ما رَزقهم من بهيمة الأنعام: كناية عن نَحر الذبائح يوم النَّحر وأيام التشريق.

حنفاء لله: الحنيف هو المستقيم.

حُرمات الله: جمع حُرمة، وهي ما لا يحل انتهاكه.

شعائر الله: ذبائح الحج.

لكم فيها منافع: يَجوز الانتفاع بها بالركوب إلى أن تبلغ مكان نحرها.

محلها: أي مكان حلها.

منسكاً: الموضوع الذي تُذبح فيه النسك.

المُخبِتين: الخاشِعين- الخاضعين.

البُدْن: جمع بُدْنة، وهي الناقة.

صوافَّ: أي صفت أَقدامها إعداداً للنَّحر، والإِبل تنحر وهي قائمة على ثلاثة أرجل.

وجبت جنوبها: اطمأنَّت على الأرض بموتها.

القانع: الذي لا يَسأل.

المعترّ: الذي يَتعرَّض للسُّؤال.

وجوب الحج

قال تعالى : {إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ للَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلعَالَمِينَ، فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إبْرَاهِيمَ ومَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ولِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ومَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ}. (آل عمران: 96- 97)

شرح المفردات

مقام إبراهيم: هو الحجر الذي وَقف إبراهيم عَليه عند بناء الكعبة، وكان ملتصقًا بها فأخَره الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، حتى لا يقع تشويش بين الطائفين والمصلين عند المقام؛ إذ من السنّة صلاة رَكعتي الطواف عنده {واتخِذوا مِن مقامِ إبراهيم مُصَلى…}.

المواقيت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ وَلَيْسَ البِرُّ بِأن تَأْتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ولَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا واتَّقُوا الله لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ}. (البقرة: 189).

شرح المفردات

الأهِلَّة: جمع هِلال، وهو القمر في لياليه الثلاث الأولى. وقد سأل المسلمون عن القمر وتغيّر إهلاله، فأجيبوا أن ذلك لتحديد مواقيت الناس في عِبادتهم وأعمالهم.

السعي: {إنَّ الصَّفَا والمَرْوَة مِن شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}. (البقرة: 158)

شرح المفردات

فلا جُناح: لا إثم، وذلك أن المسلمين تحرَّجوا من السَّعي بين الصفا والمروة؛ لأنه كان من فِعل الجاهلية، فبيَّن الله تعالى أن السعي مِن شعائره، وقد أخذه العَرب عن جدِّهم إبراهيم إلّا أنهم وضَعوا صنمًا على الصفا وآخر على المروة، فلما أزالهما الإِسلام لم يكن هناك حَرج في السَّعي إحياء لشعائر الله.

الفصْل الثاني : الحج في السنّة المطهرة

في هذا الفَصل حِجة النبي (صلى الله عليه وسلم) كما ذَكرها جابر بن عَبد الله (رضي الله عنه)، وكان يقود راحِلَة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد رواها مسلم، وأبو داود بهذا اللفظ، كما روى البخاري والنسائي والترمذي بعضها، وهي المسماة حِجة الوَداع، وهي الحِجة الوحيدة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).

أما سائر ما وَرد في السنّة مما يتعلق بالحج فتَجد كثيراً منه في سِياق الحديث عن أحكام الحج ومناسِكه.

حديث حِجة الوداع

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “… أن رسولَ الله (صلى الله عليه وسلم) مكثَ تسع سنين لم يحجّ، ثم أذّن في الناس في العاشِرة أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حاجٌّ، فقدِم المدينة بشر كثير كلُّهم يلتمس أن يأتمَّ برسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ويعمل مثل عمله؛ فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحُلَيفة، فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأَرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم): كَيف أصنع؟ قال: اغتَسلِي واستثفِري بثوبٍ وأَحرمي، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسجد ثم ركب القَصواء حتى إذا استَوت به ناقته على البَيداء، نظرت إلى مدِّ بصري بَين يديهِ من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك؛ ورسول الله بين أَظهرنا، وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عَمل به من شيء عملنا به، فأهلَّ بالتوحيد: “لَبَّيك اللهمَّ لبيك، لَبَّيك لا شَريك لك لَبيك، إن الحمدَ والنِّعمة لَكَ والملك، لا شَريك لك”. وأهلَّ الناس بهذا الذي يُهلُّون به، فلم يرد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم شيئاً منه، ولزم رسول الله تلبيتَه.

قال جابر: لسنا نَنوي إلّا الحج، لسنا نَعرف العُمرة، حتى إذا أَتينا البيت معه استَلم الركن، فرَمل ثلاثاً ومَشى أربعاً ثم نَفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ: {واتَّخذوا من مَقام إبراهيم مُصلَّى}، فجَعل المقام بينه وبين البَيت، وكان يقرأ في الركعتين {قُلْ هُوَ الله أَحد} و{قُلْ يَا أيُّها الكَافِرُون}، ثم رجع إلى الركن فاستَلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا.

فلما دنا من الصفا قرأ: {إنَّ الصَّفا والمَروة من شَعائِرِ الله} أَبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا، فرقيَ(1) عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القِبلة فوحَّد الله وكبّره، وقال: “لا إله إلا الله وحده لا شَريك له، له المُلك وله الحَمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونَصر عبده، وهَزم الأحزاب وحده” ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انْصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صَعدَتا مشى حتى أتى المروة فَفَعل على المروة كما فعَل على الصَّفا.

حتى إذا كان آخر طوافه على المروة، فقال: “لو أني استقبلت من أمري ما استدبَرت لم أَسُقِ الهَديَ، وجَعلتُها عُمرة، فمن كان مِنكم ليسَ معه هديٌ فليحلّ، وليَجعلها عُمرة”، فقام سُراقة بن مالك فقال: يا رسول الله ألِعامنا هذا أم لأبد؟ فشبَّك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: “دخلت العمرة في الحج مرتين، لا بل لأبد أبد”.

وقدم عليٌّ من اليمن ببدن النبي (صلى الله عليه وسلم)، فوجد فاطمة (رضي الله عنها) ممن حلَّ، ولبست ثياباً صبيغاً ؟ واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا.

قال: فكان عليٌّ يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مُحَرِّشاً على فاطمة للذي صنعَت، مستفتياً لِرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما ذكرَت عنه، فأخبرتُه أني أنكرت ذلك عليها. فقال: صدقتْ صدقتْ. ماذا قُلتَ حين فرضتَّ الحج؟ قال: قلت: اللهمّ إني أُهلُّ بما أهلّ به رسولك، قال: فإن معي الهدي فلا تحلَّ. قال: فكان جماعة الهدي الذي قدِم به عليّ من اليمن، والذي أتى به النبي (صلى الله عليه وسلم) مائة.

قال: فحلَّ الناس كلهم وقصَّروا، إلَّا النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) ومَن كان معه هدي. فلما كان يوم التَّروية توجَّهوا إلى مِنى فأهلّوا بالحج ورَكب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فصلّى بها الظهر والعصر والمغرب والعِشاء والفجر، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقُبَّة من شَعر تُضرب له بنمرة، فسار رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولا تشك قريش إلّا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية. فأجاز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضُربت له بنمِرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقَصواء فرُحِّلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: “إن دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمة يَومكم هذا في شَهرِكم هذا في بلدكم هذا. ألا كل شَيء من أمر الجاهلية تَحت قدميَّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أوّل دم أَضع من دمائنا دم ابن رَبيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سَعد فقتلته هُذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا، ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله. فاتَّقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطِئن فرشَكم أحداً تَكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهنَّ ضرباً غير مُبَرِّح. ولهنَّ عليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تَضِلّوا بعده إن اعتصمتُم به: كتاب الله. وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهدُ أنك قد بلّغت وأدَّيت ونَصَحْت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللهمَّ فاشهد، اللهمَّ فاشهد، اللهمّ فاشهد ثلاث مرات”.

ثم أذن، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أَقام فصلّى العصر، ولم يصلِّ بينهما شيئًا، ثم ركِب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أتى الموقف، فَجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصّفرة قليلاً حتى غاب القُرص، وأردف أسامة خلفه، ودفع (صلى الله عليه وسلم) وقد شنق للقصواء الزمام، حتى أن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: “أيها الناس، السَّكينة، السَّكينة” كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة، فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبِّح بينهما شيئًا.

ثم اضطجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى طلع الفجر، وصلّى الفجر حين تبيَّن له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القَصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه، وكبَّره، وهلَّله، ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا.

فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضلَ بن عباس، وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً، فلما دفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرت به ظُعُن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يَده على وجه الفضل، فحوّل الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر، فحوّل رسول الله يده من الشق الآخر على وجه الفضل، يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسِّر فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات -يكبِّر مع كل حصاة منها- مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي.

ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.

ثم ركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأفاض إلى البيت، فصلّى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: “انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه”.

الفصْل الثالث : الحج : حكمه – فضله – شروطه ومسائل أخرى

قال الله تعالى: {إنَّ أوَّلَ بيتٍ وُضع للناسِ لَلَّذي ببكَّةَ مباركاً وهُدى للعالمين، فيه آياتٌ بيناتٌ مقامُ إبراهيمَ ومَن دخله كان آمنًا، ولِلَّه على النَّاس حِجُّ البيتِ من استَطاعَ إليه سَبيلاً ومن كَفرَ فإنّ الله غَني عن العالَمين} [آل عمران: 97[.

أولاً : تعريفه :

قصد مكة لأداء المناسك. وهو أحد أركان الإِسلام الخمسة، للحديث الصحيح المشهور، ومِن الفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، فيكفر منكره ويعتبر مرتدًّا عن الإِسلام. وقد فُرض الحج في السنة السادسة للهِجرة على رأي الجمهور.

ثانياً : حكمه:

والحج فَرض على كل مسلم مَرة في العمر، وما زاد فهو تَطوّع. وقد ثبتت فرضيته بالآية المذكورة وغيرها من الآيات وبكثير من الأحاديث الصحيحة. أما أنه مرة في العمر فلحديث أبي هريرة، قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: “يا أيها الناس، إن الله كتبَ عليكم الحج فحُجوا”، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكتَ حتى قالها ثلاثًا، ثم قال (صلى الله عليه وسلم): “لو قلتُ نَعم لوجبتْ ولما استطعتم…” رواه البخاري ومسلم.

وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء إلى أن الحج فرض على الفور، أي يجب على المسلم أداؤه فور تمكنه من ذلك، وتحقق شروط الوجوب والاستطاعة، فإن أخَّره أثم. وذهب الشافعي إلى أن الحج فرض على التراخي، فلا يأثم من أخَّره ولو كان مستطيعًا إذا أدَّاه قبل الوفاة، أما إذا أَدركته الوفاة قبل أداء الحج فهو آثم، كما يقول الإِمام الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين”.

ثالثًا: فضله:

وقد ورد في ذلك كثير من الأحاديث، نذكر منها:

-عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم): أيُّ العمل أفضل؟ قال: “إيمانٌ بالله ورسوله”، قيل: ثم ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”، قيل: ثم ماذا؟ قال؛ “حج مبرور” متفق عليه.

-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “من حجَّ فلم يَرفُث ولم يَفسُق، رَجع كيوم ولدته أمه” متفق عليه. الرفَث: هو الكلام البذيء، ويأتي بمعنى الجماع.

-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “العمرة إلى العمرة كَفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة” رواه الشيخان.

رابعًا: شروط وجوب الحج:

يشترط لوجوب الحج ما يلي:

-الإِسلام: فلا يجب الحج على غير مسلم.

-البلوغ: لأن الحج لا يجب على الصبي قبل سن البلوغ.

-العقل: فالمجنون لا يجب عليه الحج.

وهذه الشروط الثلاثة عامة في كل التكاليف الشرعية.

– الاستطاعة: وتتحقق بصحة الجسم، وأمن الطريق، وأن يملك نفقات السفر، ونفقات من يعول في غيابه.

وهناك شرط خامس بالنسبة للمرأة وهو أن يصحبها محرم، أو نسوة ثقات، أو امرأة واحدة ثقة، وقد أجاز بعض العلماء للمرأة السفر وحدها للحج إذا كان الطريق آمنًا، كما أجاز البعض للعجوز السفر من غير محرم (راجع كتاب المهذب وكتاب سبل السلام)، وقد استدلوا بالحديث الذي رواه البخاري:

عن عدي بن حاتم قال: بينما أنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ أتاه رجل فشكا إليه الفَاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قَطع السبيل، فقال: “يا عدي، هل رأيت الحيرة؟” قال: قلت: لم أرها، وقد أُنبئت عنها، قال: “فإن طالت بك حياة لترينَّ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلّا الله”. الحيرة: قرية قرب الكوفة. والظعينة: المرأة المسافرة ما دامت في الهودج.

كما استدلوا أيضًا بأن نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) حَجَجْن بعد أن أذِن لهن عمر في آخر حجة حجها، وبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف.

ويُستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في حجة الفريضة، ويجب عليه أن يأذن لها، وإلّا جاز لها أن تخرج بغير إذنه؛ لأن الحج فريضة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أما في حجة التطوع فلا يجوز لها الخروج إلّا بإذن زوجها. (وعند الشافعية: ليس لها الخروج ولو لحج الفريضة بدون موافقة الزوج؛ لأن حقه على الفور والنسك على التراخي).

واتفق العلماء أن المرأة إذا حجت بغير محرم صح حجها، وإن اختلفوا هل تأثم أم لا؟ كما اتفقوا أن غير المستطيع إذا حج صح حجه، وأن الصبي إذا حج يصح حجه أيضًا، ولكن لا تسقط عنه حجة الفريضة بعد البلوغ.

خامسًا: مسائل مهمة:

1- الحج عن الميت: من مات وعليه فريضة الحج، وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله، لحديث ابن عباس أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت: إن أمي نَذرت أن تحج ولَم تحج حتى ماتت، أفأحجُّ عنها؟ قال: “نعم حُجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمِّك دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء” رواه البخاري.

2- الحج عن الغير: إذا عجز المسلم عن الحج لشيخوخة أو لمرضٍ مزمن، لزمه إحجاج غيره عنه، لحديث الفضل بن عباس: أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: “نعم”. وذلك في حجة الوداع. رواه الجماعة، وقال الترمذي حسن صحيح. وإذا شفي المريض بعد أن وقع الحج عنه، فعند الجمهور يجب عليه الإِعادة، وعند أحمد لا يجب عليه بعد أن وقعت الحجة صحيحة.

 -3 ومن شروط الحج عن الغير، سواء كان حيًا أو ميتًا، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه، لحديث ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سمع رجلاً يقول: لبيك عن شُبرمة، فقال: “أحججت عن نفسك؟” قال: لا. قال: “حُجَّ عن نفسكَ ثم حُج عن شُبرمة” رواه أبو داود وابن ماجه.

 4 – وإذا وقع الحج بمال حرام: فعند الجمهور يصح الحج ويأثَم صاحبه. وعند أحمد بن حنبل لا يصح الحج ولا يجزئ.

  -5 ويجوز تعاطي التجارة في الحج، لقوله تعالى: {ليسَ عليكم جُناحٌ أن تَبتَغوا فَضلاً من ربكم} وقد فعلها الصحابة، ولكن الأفضل التجرد للحج.

الفصل الرابع: المواقيت والإِحرام

المواقيت: وهي نوعان:

 -1 المواقيت الزمانية: هي الأوقات التي لا يصح شيءٌ من أعمال الحج إلّا فيها، قال تعالى: {الحج أشهر معلومات} أي وقت أعمال الحج في أشهر مُحددة. واتفق العلماء أن أشهر الحج هي: شوّال وذو القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، واعتبر الإِمام مالك شهر ذي الحجة كله من أشهر الحج.

والإِحرام بالحج قبل دخول أشهر الحج يَصح مع الكراهة عند جمهور العلماء.

 2- المواقيت المكانية: وهي الأماكن المحددة التي لا يجوز لحاج أو معتمر أن يتجاوزها إلّا محرمًا. وقد حددها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حديث ابن عباس: أنه وقَّت لأهل المدينة ذا الحُليفة، ولأهل الشام الجُحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يَلَمْلَم، وقال: “هن لهم، ولكل آتٍ أَتى عليهم من غيرهن ممَّن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة” رواه الخمسة.

ذو الحليفة: مكان قريب من المدينة المنوّرة (10 كلم تقريبًا) على الطريق إلى مكة، ويبعد عن مكة 450 كلم، وفيه بئر يسمى بئر علي.

الجحفة: تبعد عن مكة 157 كلم، وقد ذهبت معالمها، والحجاج اليوم يحرمون من رابغ وهي تبعد عن مكة 204 كلم.

قرن المنازل: جبل شرقي مكة يبعد عنها 94 كلم.

يَلَمْلَم: جبل جنوب مكة ويبعد عنها 54 كلم.

وإذا لم يمر الحاج على أحد هذه المواقيت فإنه يحرم بحذاء أقرب ميقات إليه، كما حد عمر لأهل العراق (ذات عرق)؛ لأنها بحذاء قرن المنازل، وهي تبعد عن مكة 94 كلم لجهة الشمال الشرقي.

الإِحرام

أولاً: تعريفه وحكمه:

الإِحرام هو الدخول في حرمات الحج، ويتحقق بالنيّة. والنيّة مكانها القَلب، ويستحب التلفظ بها فيقول: نَويت كذا. فإن نَوى الإِحرام دون تعيين الكيفية التي يريدها (إفراد – أو قران – أو تَمتع) صح الإِحرام، وعليه أن يعين الكيفية ليقوم بأعمالها. ويصح الإِحرام بإحرام غيره كأن تحرم الجماعة بإحرام قائدها ولو لم يعرفوا نيته في ذلك، ثم عليهم أن يقتدوا به.

والإِحرام هو الركن الأول من أركان الحج عند الجمهور، وخالفهم الأحناف فاعتبروه في شروط صحة الحج، وليس ركنًا من أركانه، ووقته بالنسبة للحج أشهر الحج، وبالنسبة للعمرة السَّنة كلها ما عدا يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ومكانه عند الميقات المكاني أو قبله.

والإِحرام من الميقات واجب، فمن تركه وجب عليه دم، ويكره للمسلم دخول مكة بغير إحرام، ويستحب له كلما أراد ذلك أن يحرم بالعمرة أو بالحج.

ثانيًا: سنن الإِحرام وآدابه:

1- النظافة: ومنها تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإِبط وحلق العانة والوضوء أو الاغتسال، فهو من السنة حتى للنفساء والحائض، كما في حديث ابن عباس (رضي الله عنه).

 2- التطيب في البدن والثياب: ولو بقي أثر الطيب بعد الإِحرام، وذلك لحديث عائشة (رضي الله عنها) قالت: كأني أنظر إلى وميض الطيب في مفرق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو محرم. رواه الشيخان. الوميض. البريق.

3- صلاة ركعتين: ينوي مهما سنّة الإِحرام، ويسن له أن يقرأ في الركعة الأولى سورة (الكافرون) وفي الثانية سورة (الإِخلاص). وقد صحَّ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلّى ركعتين عند إحرامه في ذي الحُلَيفة، كما روى مسلم.

4 – التلبية: وهي سنّة عند الشافعي وأحمد، ويستحب أن تكون مع الإِحرام، وهي واجبة عند الأحناف والمالكية يلزم بتركها دم. ولفظها كما ورد في السنّة الصحيحة: “لبيكَ اللهمّ لبيك، لبيكَ لا شريك لكَ لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شَريك لك” رواه الخمسة.

ويجوز الزيادة عليه عند الجمهور، وكره ذلك مالك.

ويستحب الجهر بالتلبية للرّجال، أما المرأة فتُسمع نفسها، كما يستحب الإكثار من التلبية عند الركوب والنزول، وكلما علا إلى مكان مرتفع أو نزل منه أو لقي ركبًا، وبعد كل صلاة وذلك ابتداء من أول الإِحرام حتى رمي جمرة العقبة يوم النحر، فقد روى الجماعة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يزل يُلبي حتى بَلغ الجمرة.

ثالثًا: مباحات الإِحرام:

ويباح للمحرم ما يلي:

1- الاغتسال وتغيير الرِّداء والإِزار، ويجوز استعمال الصابون ولو كانت له رائحة عند الشافعية والحنابلة، كما يجوز نقض الشعر وتمشيطه، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعائشة: “انقضي رأسك وامتشطي” رواه مسلم.

2 – تغطية الوجه من الغبار، أو البرد، أما تغطية الرأس عمدًا فتجب فيها الفِدية.

3- الحجامة وفقء الدُمَّل ونزع الضِّرس عند الحاجة، وقد ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) احتجم وهو محرم بلحى الجبل في وسط رأسه. رواه الخمسة. ولحى الجبل هو موضع بين مكة والمدينة.

4- حك الرأس والجسد عند الحاجة لحديث عائشة (رضي الله عنها) أنها سئلت عن المحرم يحك جسده؟ قالت: نعم، فليحككه وليشدد. رواه الشيخان.

5- النظر في المرآة، وشم الريحان، والتداوي بغير طيب، والسِّواك (البخاري).

6- شد الهميان في الوسط ليحفظ فيه النقود، ولبس الخاتم (ابن عباس) والتظلل بمظلة أو خيمة أو سقف (صحيح مسلم).

7- قتل الفواسق الخمس، لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “خمس من الدواب كلهنّ فاسق يقتلن في الحرم: الغُراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العَقور” رواه الشيخان. ويقاس عليها كل ما يؤذي الإِنسان. (الحدأة هي: طائر معروف، والكلب العقور: الجارح).

رابعًا: محظورات الإِحرام:

1- لبس المخيط لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يَلبس المحرمُ القميصَ ولا العمامة ولا البُرنس، ولا السَّراويل، ولا ثوباً مسه ورس ولا زعفران، ولا الخفَّين إلّا ألّا يجد نعلين، فليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين » رواه الشيخان. البرنس: كل ثوب رأسه منه. الورس والزعفران: نبات طيّب الرائحة.

أما المرأة فلها أن تلبس جميع ذلك، ولا يحرم عليها إلّا الثوب الذي مسّه الطيب، والنقاب أي ما يستر الوجه، والقفازان أي الكفوف في الأيدي، وقد ثبت نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، فيما رواه أبو داود والبيهقي والحاكم.

ومن لم يجد الإِزار والرِّداء جاز له لبس السِّروال، ولا فدية عليه، ومن لم يجد النعلين جاز له أن يلبس الخُفَّ على أن يقطعه دون الكَعبين.

2- عقد النكاح سواء لنفسه أو لغيره، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “لا يَنكح المحرم ولا يُنكِح ولا يخطب” رواه الخمسة إلّا البخاري، ويعتبر العقد باطلاً وهذا مذهب الجمهور.

3- الجماع وما يدعو إليه كالتقبيل واللمس بشهوة، لقوله تعالى: {… فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج…} [البقرة: 197]. والرفَث هو الجماع، ويحظر على المحرم أيضًا فعل المعاصي بأنواعها، وهذا هو الفسوق، كما يحظر عليه الجدال مع الآخرين بالباطل.

4- التطيب في الثوب أو البدن للرجال والنساء، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “… ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسَّه زعفران أو ورس…” رواه الخمسة.

وإذا مات المحرم لا يوضع الطيب في غسله ولا في كفنه، فقد نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك، وقال: “اغسلوه بماءٍ وسِدرٍ وكَفِّنوه في ثوبيه، ولا تمسّوه بطيب ولا تخمِّروا رأسه، فإنه يُبعث يوم القيامة مُلبيًا” رواه الشيخان والترمذي. لا تخمروا رأسه: أي لا تغطوه، والخمار: غطاء الرأس. ولا فرق بين أن يوضع الطيب على الثوب أو يكون الثوبُ مصبوغًا بالطيب.

5- التعرض لصيد البر والأكل منه إذا صيد من أجل المحرم أو بإشارته، أما إذا صاده غير محرم ثم أهداه أو باعه للمحرم جاز له أكله. أما صيد البحر وطعامه فهو جائز بلا حرج، لقوله تعالى: {أحلَّ لكم صَيدٍ البحر وطَعامه متاعًا لكم وللسيارة وحُرم عليكم صيدُ البر ما دمتم حُرمًا…} [المائدة: 96]، ولقوله (صلى الله عليه وسلم): “صيد البر لكم حلال وأنتم حرم، ما لم تصيدوه أو يُصد لكم” رواه أحمد والترمذي.

6- تقليم الأظافر وإزالة الشعر بالحلق أو القَص، أو أي طريقة أخرى، لقوله تعالى: {ولا تَحلقوا رؤوسكم حتى يَبلغَ الهديُ مَحِلَّه} [البقرة: 196[.

خامسًا: عقوبة ارتكاب المحظورات في الإِحرام:

 1- الجماع: إذا وقع الجماع قبل الوقوف بعرفة يفسد الحج إجماعًا، وعليه إتمام ما بقي من المناسك، وعليه أيضًا بَدَنة عند الجمهور، ثم القضاء، أي أن يعيد الحج في العام المقبل، وهذا القضاء واجب سواء كانت الحجة الفاسدة فرضًا أو تطوعًا. أما عند الأحناف فيجب عليه شاة ولا قضاء عليه، إلّا إذا كانت الحجة الفاسدة فرضًا.

وإذا وقع الجماع بعد الوقوف بعرفة، وقبل التحلل الأول، فالحكم نفسه عند الجمهور، أما عند الأحناف فلا يفسد حجه، وعليه بَدَنة.

أما إذا وقع الجماع بعد التحلل الأول فلا يفسد الحج، ولا قضاء عليه عند الجمهور، ويجب عليه الفدية بدنةً عند الشافعي وشاةً عند مالك.

2- قتل الصيد: قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تَقتُلوا الصَّيد وأنتم حُرُم ومن قَتله منكم متعمِّداً فجزاءٌ مثلُ ما قتلَ من النَّعم يحكمُ به ذوا عدلٍ منكم هديًا بالغَ الكعبة أو كفارةٌ طعام مساكين أو عَدْلُ ذلك صيامًا ليذوق وبال أمره…} [المائدة: 95]. والمِثل يكون بالصورة والشَّكل عند الشافعي، وبالقيمة عند أبي حنيفة، وإذا لم يستطع تقديم المِثل، يقدر ثمنه، ويطعم به مساكين، فإن لم يستطع، يصوم بمقدار يوم عن كل مسكين.

والآية المذكورة نصت على هذا الحكم بالنسبة لمن قتل الصيد متعمدًا وهو محرم. ويثبت بالسنة الحكم نفسه على من قتل الصيد ناسيًا أو جاهلاً وهو محرم، إلّا أنه لا يأثم، وعلى هذا جمهور الفقهاء كما قال ابن كثير.

3- سائر المحظورات: إن ارتكب المحرم أحد محظورات الإِحرام الأخرى كحلق الشعر أو لبس المَخيط، لزِمه ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ثلاثة آصُعٍ من تمر، كما في حديث كعب بن عُجرة الذي رواه الشيخان. أما إذا فعل المحظورات ناسيًا أو جاهلاً، فلا شيء عليه كما روى البخاري.

الفصل الخامس: أنواع الحج

يمكن أداء فريضة الحج على ثلاثة وجوه: الإِفراد – القِران – التَّمتع.

ويُسن للمسلم أن يحدد عند الإِحرام أيَّ وجه من هذه الوجوه يريد، فإذا أحرم دون أن يقصد أحد هذه الوجوه يصح إحرامه وحجُّه إن فعل أحد هذه الوجوه. ويجوز لمن نوى التمتع أن يعدل عنه إلى القران، كما يجوز للمفرد أن يعدل أيضًا إلى القران، ويجوز للقارن أن يعدل للإِفراد على أن يتم العدول قبل الطواف. ونشرح الآن بإيجاز هذه الكيفيّات الثلاث:

أولاً: الإِفراد:

هو أن ينوي عند الإِحرام الحج فقط ويقول: (لبيكَ بحجٍ) فيدخل مكة ويطوف طواف القُدوم، ويبقى محرمًا إلى وقت الحج، فيؤدي مناسكه من الوقوف بعرفة والمبيتِ بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة، وطواف الإِفاضة والسَّعي بين الصفا والمروة، والمبيت في منى لرمي الجمرات أيام التشريق، حتى إذا أنهى المناسك بالتحلل الثاني خرج من مكة وأحرم مرة أخرى بنيَّةِ العمرة، إن شاء، وأدَّى مناسكها.

والإِفراد أفضل أنواع النسك عند الشافعية والمالكية؛ لأنه لا يجب فيه دم. ووجوب الدم إنما يكون لجبر النقص الحاصل. كما أن حجة الرسول (صلى الله عليه وسلم) كانت عندهم بالإِفراد.

ثانيًا: التمتع:

وهو أن ينوي أولاً أداء العمرة فيحرم بها من الميقات، ويقول: (لبيك بعُمرة) ويدخل مكة ويتم مناسكها من الطواف والسَّعي والحلق أو التقصير، ثم يتحلل من الإِحرام، ويحل له كل شيء حتى النساء، ويظل كذلك إلى يوم الثامن من ذي الحجة فيُحرم بالحج ويؤدِّي مناسكه من الوقوف بعرفة وطواف الإِفاضة، والسعي وسِواه، فيكون قد أدى مناسك العمرة كاملة ثم أتبعها بمناسك الحج كاملة أيضاً. والتمتع هو أفضل الأنواع عند الحنابلة.

ويشترط لصحة التمتع أن يجمع بين العمرة والحج في سفر واحد، وفي أشهر الحج، وفي عام واحد عند جمهور الفقهاء، وزاد الأحناف شرطًا آخر هو أن لا يكون مكيًّا وذلك لقوله تعالى: {… فمن تمتَّع بالعُمرةِ إلى الحج فما استَيْسرَ من الهَدْي فمن لم يجدْ فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رَجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهلُه حاضري المسجد الحرام…} [البقرة: 196]. والضمير في “ذلك” راجع عند الأحناف إلى التمتع بالعمرة، بينما أرجعه الآخرون إلى الهَدي أو الصيام.

ثالثًا: القِران:

وهو أن ينوي عند الإِحرام الحج والعمرة معاً فيقول: (لبيك بحج وعمرة) فيدخل مكة ويطوف طواف القدوم، ويبقى محرمًا إلى أن يحين موعد مناسك الحج، فيؤديها كاملة من الوقوف بعرفة، ورَمي جمرة العقبة، وطَواف الإِفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، وسائر المناسك، وليس عليه أن يطوف ويَسعى مرة أخرى للعمرة، بل يكفيه طواف الحج وسعيه؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لعائِشة: “طوافك بالبَيْت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعُمرتك” رواه مسلم.

والقِران هو أفضل أنواع النُّسك عند الأحناف.

ويجب على المتمتع والقارن هدي، وأقله شاة، فمن لم يستطع فعليه صيام عشرة أيام:

1- ثلاثة منها في الحج، أي في وقت الحج بعد الشروع فيه بالإِحرام، والأفضل أن تكون في عشر ذي الحجة، ويجوز صيامها أيام التشريق أيضًا لحديث البخاري: “لم يرخص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلّا لمن لم يجد الهدي” وإذا فاته صيام الأيام الثلاثة في وقتها، وجب عليه قضاؤها.

2 – وسبعة إذا رجعتم، أي إلى بلادكم. ولا يشترط التتابع لا في الثلاثة الأولى، ولا في السبعة الأخيرة.

الفصْل السّادس : المناسك حسب الترتيب الفقهي : أركان الحج وواجباته وسننه

سنقتصر في هذا الفصل على دراسة أركان الحج وواجباته، والسنن الخاصة بكل منها، أما محرمات الحج فهي محظورات الإِحرام التي مرت معنا.

والركن والواجب كلاهما مطلوب على سبيل الإلزام، والفرق بينهما أن ترك الركن يؤدي إلى فوات الحج، أما ترك الواجب فيمكن أن يُجبر بفدية. وقد جمعنا أركان الحج مع واجباته في فصل واحد نَظرًا لتداخل آراء المذاهب واختلافها فيهما.

أولاً: الإِحرام:

هو ركن عند الجمهور، وخالفهم الأحناف فقالوا: إنه شرط لصحة الحج. وقد مر الحديث عنه مفصلاً في بحث مستقل.

ثانيًا: الوقوف بعرفة:

وهو ركن الحج الأعظم بالإجماع، لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “الحج عرَفة” رواه أحمد وأصحاب السنن. وعرفةُ كلها مَوقف إلّا بطن وادي عرفة. والوقوف هو الحضور ولو لَحظات، ويبدأ وقته من زوال اليوم التاسع من ذي الحجة، أي الظهر، حتى فجر اليوم العاشر.

ويجب أن يكون بعض الوقوف بعد الغروب بحيث يجمع بين الليل والنهار في الوقوف.

ومن سننه الاغتسال، واستحباب الوقوف عند الصَّخرات، حيث وقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

ومن آدابه المحافظة على الطهارة واستقبال القبلة والإِكثار من الدعاء والاستغفار والذكر، والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم)، وترك اللغو والشحناء، والانصراف عن هموم الدنيا. وقد نهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الصيام بعرفة؛ لأنه يوم عيد، وليتقوى الحجاج على الذِّكر والدعاء.

ومن السنّة أن يجمع الحاج بين صلاتي الظهر والعصر تقديمًا في عرفة بأذان واحد وإقامتين مع الإمام، وهو الأفضل وإلّا منفردًا.

ثالثًا: طواف الإِفاضة:

وهو ركن الحج الثاني الذي لا خلاف عليه، ويسمى (طواف الركن) وطواف الزيارة. وهو من أعمال يوم النحر -العاشر من ذي الحجة- الأربعة (الرمي ثم الذبح ثم الحَلق أو التقصير ثم الطواف) وبه يتم التحلل الأخير، ويباح للحاج كل محظورات الإِحرام حتى النساء.

وطواف الإِفاضة -كأي طواف آخر- له شروط وواجبات وسنن، هي:

شروط الطواف:

1- الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والنجاسة، وذلك لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) لعائشة عندما حاضت: “… فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي” رواه مسلم.

 2- ستر العورة، لحديث أبي هريرة أن أبا بكر بعثه في الحجة التي أمَّرَه عليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قبل حجة الوداع مع رهط يؤذّنون في الناس يوم النحر: “لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان” رواه الشيخان.

واجبات الطواف:

1- وقوعه في المكان المشروع خارج البيت، فلو طاف في حِجر إسماعيل لم يصح؛ لأنه من البيت، وحجر إسماعيل هو الجزء المحاط بحاجز نصف دائري شمال الكعبة.

2- وقوعه في الزمن المشروع، ويبدأ في طواف الإِفاضة من طلوع فجر يوم النحر، ولا حد لآخره، والأفضل فعله يوم النحر لأنها السنَّة، ثم أيام التشريق، وإذا أخره عن ذلك وجب عليه دم عند الأحناف.

3- أن يكون سبعة أشواط كاملةً تبدأ من الحجر الأسود وتنتهي عنده.

4- أن يجعل البيت على يساره.

5- الطواف ماشيًا إلّا لعذر، فيجوز الطواف راكبًا أو محمولاً.

6- ركعتا الطواف، وهي واجبة عند الأحناف والمالكية، ويسن قراءة سورة (الكافرون) في الأولى، وسورة (الإِخلاص) في الثانية.

سنن الطواف:

1- الاضطباع للرجال: وهو أن يكشف الكَتف اليمنى، ويجعل وسط الرداء تحت إبطه اليمنى، ويلف طرفيه على كتفيه اليسرى.

2- الرَّمَل للرجال: وهو إسراع المشي مع تقارب الخُطى في الأشواط الثلاثة الأولى، ثم يمشي في الأشواط الأربعة الأخرى.

3- استلام الحجر الأسود وتقبيله إن استطاع في ابتداء الطواف وفي كل شوط، وإلّا اكتفى بالإِشارة إليه قائلاً: “بسم الله والله أكبر ولله الحمد. اللهمّ إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنّة نبيك سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)”.

4- استلام الركن اليماني: وهو الذي يقع قبل ركن الحجر الأسود. والاستلام: هو المسح باليد فقط.

5- الإِكثار من الدعاء والذكر والاستغفار، وليس ضروريًا أن يقيد نفسه بالأدعية المكتوبة أو بأدعية المطوفين. ومما ورد من الدعاء أثناء الطواف: “سبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ ولا إله إلّا الله واللَّهُ أكبرُ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا بالله” رواه ابن ماجه.

وعند الركن اليماني: “ربنا آتِنا في الدنيا حَسنة وفي الآخرة حَسنةً وقِنا عذاب النار” رواه أبو داود.

 6- الموالاة بين الأشواط السبعة، ولا يقطعها إلّا لِعذر كما لو أقيمت الصلاة المكتوبة، فإنه يقطع طوافه ليدرك الجماعة ثم يتم طوافه بعد ذلك.

رابعًا: السعي بين الصفا والمروة:

وهو ركن من أركان الحج عند المالكية والشافعية والحنابلة في أحد قولين لهم، فمن تركه بطل حجه ولا يجبر بدم، واستدلوا بقول عائشة (رضي الله عنها): “ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة” رواه مسلم، كما استدلوا بما روت حَبيبة بنت أبي تِجراة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال وهو يسعى: “اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي” رواه الدارقطني.

– وذهب أبو حنيفة إلى أن السَّعي واجب، إذا تركه وجب عليه دم ولا يبطل حجه، ورجَّح صاحب المغني -في مذهب الحنابلة- هذا الرأي؛ لأن الأدلة التي استدلوا بها على أنه ركن لا تفيد إلّا الوجوب.

شروط السعي:

  1. أن يكون بعد طواف، سواء كان الطواف للإِفاضة أو للقدوم -إن سعى قبل الطواف وجب عليه دم عند الأحناف-.

2- ولا يشترط الطهارة وإن كانت مستحبة في جميع المناسك.

واجبات السعي:

  1. أن يكون سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة. (إن فعل العكس وجب عليه دم عند الأحناف).
  2. أن يتم في المسعى المعروف -طول 420م تقريبًا- وذلك لفعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقوله: “خُذوا عني مناسِكَكم”.

سنن السعي:

  1. أن يرقى على الصَّفا ثم يقف مستقبلاً القبلة ويقول: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو وعلى كلِّ شيء قدير، لا إله إلا الله وَحْده أنجز وَعده ونصر عَبده وهزم الأحزاب وحده” رواه مسلم.
  2. المشي أول السعي حتى إذا وصل إلى الميل الأخضر هَرول إلى الميل الأخضر الثاني، ثم تابع المشي حتى يصل إلى المروة (فَيرقى عليها ويَفعل كما فعل على الصفا) رواه مسلم. ويجوز السَّعي راكبًا للمعذور.
  3. الموالاة بين مرات السعي، وبينه وبين الطواف، فإن قَطعه لصلاة أو وضوء أو عمل آخر، يعود فيكمل.
  4. الإِكثار من الدعاء، وذكر الله وقراءة القرآن، ومن أقوال الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سعيه: “رب اغفر وارحم، واهدني السبيل الأقوم”، و”رب اغفر وارحم إنك أنت الأعزُّ الأكرم”.

خامسًا: الحلق أو التقصير:

وهو ركن الحج الخامس عند الشافعية فقط، أما عند الجمهور فهو من واجبات الحج.

والحلق هو استئصال الشعر بالموسى. أما التقصير فهو قطع الشعر من غير استئصال. قال تعالى: {لتدخلُنَّ المسجدَ الحرام إن شاءَ الله آمنين مُحلِّقين رؤوسَكم ومُقصِّرين…} [الفتح: 27]. والحلق أفضل من التقصير للرجال، وذلك لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): “اللهمَّ ارحم المحلقين”، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: “اللهمّ ارحم المحلقين”، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: “والمقصرين” متفق عليه.

أما النساء فيُشرع لهن التقصير فقط؛ لأن الحلق في حقهنَّ مُثْلة، وفي حديث ابن عباس عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “ليس على النِّساء حلق، إنما على النِّساء التقصير” أخرجه أبو داود بسندٍ حسن.

وأقلُّ الحلق والتقصير إزالة ثلاث شعرات أو بعضها بأية طريقة كانت. ووقته بعد رمي جمرة العقبة وفي أيام النحر، ويجوز التأخير بعد أيام النحر عند الشافعية، ويستحب للأصلع أن يمر الموسى على رأسه.

كما يستحب لمن حلق أو قصَّر أن يقلم أظافره ويأخذَ من شاربه.

سادسًا: الوقوف بمزدلفة:

وهو من واجبات الحج باتفاق الجميع.

والمطلوب عند الإِمام أحمد المبيت في مزدلفة، وعند سائر الأئمة يكفي الوقوف أو الحضور أو النزول أو المرور حَسب تعبيراتهم.

ووقت الوقوف بعد عرفة وقبل فجر يوم النحر.

ويسن له أن يصلي الفجر في أول الوقت، ثم يقف عند المشعر الحرام إلى أن يسفر جدًا، ويكثر من الذكر والدعاء، فإذا طلعت الشمس أفاض إلى منى.

والمزدلفة كلها موقف إلّا وادي مُحَسِّر (وهو بين المزدلفة ومنى).

ومن فاته الوقوف بمزدلفة لغير عذر فعليه دم، ويجب عليه أن يبقى إلى جزء من نصف الليل الثاني عند الشافعية.

سابعًا: الرمي:

اتفق العلماء أن رمي الجمار واجب من واجبات الحج، فمن تركه عليه دم؛ وذلك لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) فعل ذلك وقال: “لتأخذوا عني مناسِكَكُم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه”، رواه مسلم والنسائي وأحمد.

والجِمار: جَمع جَمرة وهي الحصاة، وسُمِّي موضع الرمي جمرة لاجتماع الحصى فيه.

والجمرات التي تُرمى ثلاث:

جمرة العقبة: وهي الجمرة الكُبرى تقع في آخر منى تجاه مكة.

الجمرة الوسطى: تقع قبلها تجاه منى.

الجمرة الصغرى: وهي أول الجمرات على طريق الذَّاهب من منى إلى مكة.

أ – شروط صحة الرمي وواجباته:

  1. أن يكون هناك قَذف ولو خفيف، وأن يكون الرمي باليد.
  2. أن يكون المرمي به حجرًا (وعندَ أبي حنيفة يجوز الرمي بكل ما كان من جنس الأرضِ كالتراب والخَزَف والطين والآجر…).
  3. أن يرمي كلَّ جمرة بسبع حصيات واحدة بعد واحدة، فلو رمى حصاتين معًا تحسبان رمية واحدة.
  4. أن يقصد المرمى ويصيبه.
  5. ترتيب رمي الجمرات الثلاث أيام التشريق: الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة، وذلك عند الجمهور (عند الأحناف الترتيب سنة).

ب – سنن الرمي:

  1. الدُّنُّو من المرمى إلى مسافة خمسة أذرع.
  2. استقبال القبلة أثناء الرمي إلّا في جمرة العقبة يوم النحر.
  3. الموالاة بين الرميات السبع.
  4. أن يكون الحجر المرمي به قدر البندقة، ويكره الرمي بالحصى الكبيرة.
  5. أن يتوقف إثر رمي كل حصاة ويقول: “بسم الله والله أكبر، صدق الله وعده ونصر عبده وأعزَّ جنده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلَّا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون”.
  6. وأن يتوقف بعد رمي كل جمرة إذا كان يعقبها رمْي جمرة أخرى، ويدعو بما شاء. أما بعد رمي جمرة العقبة فلا يتوقف.

جـ – أيام الرمي ووقته وعدده:

أيام الرمي أربعة، وهي:

  1. يوم النحر -العاشر من ذي الحجة– ويجب فيه رمي جمرة العقبة فقط بسبع حصيات، ووقته المستحب من طلوع الشمس إلى زوالها، وقد رمى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جمرة العقبة ضحى يوم النحر. ويجوز رميها بين الزوال والغروب، وإن لم يكن مستحبًا فقد قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم النحر: رميت بعدما أمسيت. فقال: “لا حرج” (رواه البخاري).

أما إذا أخره بعد الغروب، فيرمي في الليل عند الجمهور، ويرمي في الغد بعد زوال الشمس عند الحنابلة، ولا دم عليه.

ويجوز عند الشافعية رمي جمرة العقبة ابتداءً من منتصف ليلة النحر، ويجوز ذلك عند المذاهب الأخرى لأصحاب الأعذار فقط، وقد رخص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لرعاة الإِبل بذلك. كما رخص لأم سلمة فرمت قبل الفجر (رواه أبو داود والبيهقي).

2-أيام التشريق: وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، أي 11- 12- 13 من ذي الحجة، ويجوز لمن أراد أن يتعجّل أن يقتصرها على يَومين، فإذا انتهى من رمي الجمار ثاني أيام التشريق، أي 12 من ذي الحجة توجَّه إلى مكة وهذا هو النَّفر الأول. وإذا طلع عليه فجر اليوم الثالث 13 من ذي الحجة، دون أن ينفر من منى، وجب عليه رَمي هذا اليوم ثم يَنفر إلى مكة، وهذا هو النفر الثاني.

قال تعالى: {… فمن تعجَّل في يَومين فلا إثم عليه ومن تأخَّر فلا إثم عليه لمن اتقى…} [البقرة: 203[.

والواجب في أيام التشريق الثلاثة رمي الجمار الثلاث على الترتيب الذي ذكرناه في سنن الرمي: الصغرى، ثم الوسطى ثم جمرة العقبة. ويرمي كل واحدة بسبع حصيات كل يوم.

والوقت المسنون للرمي بين زوال الشمس وغروبها، فإن تأخَّر جاز له أن يرمي في الليل إلى طلوع شمس الغد مع الكراهة.

ويجوز الرمي عند أبي حنيفة ثالث أيام التشريق قبل الزوال.

ومن فاته شيء من الرمي حتى انتهت أيام التشريق فعليه دم.

ويجوز لمن لا يستطيع الرمي أن ينيب من يرمي عنه.

ثامنًا: المبيت في منى:

المبيت في منى في الليالي الثلاث -أو ليلتين لمن أراد أن يتعجل- واجب عند الأئمة الثلاثة يجب على من تركه دم، ويسقط المبيت عن أصحاب الأعذار، فقد رخَّص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته (رواه البخاري)، كما رخص للرعاء بذلك (رواه أصحاب السنن).

ويكون النَّفر من منى إلى مكة ثاني أيام التشريق أو ثالثها قبل الغروب عند الأئمة الثلاثة، ويجوز مع الكراهة بعد الغروب إلى الفجر عند الأحناف.

تاسعًا: طواف الوداع:

سمي بذلك؛ لأنه شرع لتوديع البيت. ويسمى أيضًا طواف الصدر؛ لأنه عند صدور الناس من مكة. وهو طواف لا رَمَل فيه، وهو واجب عند الجمهور يجب بتركه دم، وذلك لقوله (صلى الله عليه وسلم): “لا ينفر أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت” رواه مسلم، ويرى المالكية أنه سنّة لا يجب بتركه شيء.

وقد خفف عن المرأة الحائض (كما في البخاري)

ووقته بعد الفراغ من كل الأعمال، ليكون آخر عهده بالبيت، فلا يجوز الاشتغال بعده بشيء إلّا حاجة يقضيها في الطريق أو شراء ما لا غنى عنه من الزاد، فإذا تأخر عن السفر وجب عليه إعادته.

عاشرًا: الهدي:

هو ما يهدى من النعم إلى الحرم تقرُّبًا إلى الله عزّ وجلّ، والنعم أو الأنعام هي: الإِبل والبقر والغنم، ويجوز إهداء الذَّكر والأنثى على السواء قال تعالى: {… والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير…} [الحج: 36] البدن: هي الإِبل جمع بدنة.

وأقل ما يجزئ من الهدي عن الواحد شاة أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة.

وتجب البدنة على من طاف جُنبًا أو حائضًا أو نفساء، وعلى من جامع وهو محرم، وعلى من نذرها.

أنواعه ، والهدي نوعان:

– مستحب وهو لمن حج مفردًا أو اعتمر.

– وواجب في الحالات التالية:

– الحاج القارن.

– الحاج المتمتع.

– من ترك واجبًا من واجبات الحج.

– من ارتكب أحد محظورات الإِحرام.

شروط الهدي:

– أن يكونَ ثنيًا – وهو الذي يلقي ثنيته (وهي السن) – وهو من الإِبل ما كان له خمس سنين، ومن البقر ما كان له سنتان، ومن المَعز ما له سنة. أما الضأن فيجزئ منه ما له ستة أشهر على أن يكون قد أسقط مقدم أسنانه.

– أن يكون سَليمًا من العيوب ويستحب اختيار الأفضل.

وقت الذبح أو النحر ومكانه وكيفيته:

ويستحب أن تنحر الإِبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى، وأن تذبح البقر والغنم وهي مضطجعة. ووقت الذبح يوم النَّحر وأيام التشريق، سواء كان الهدي واجبًا أو مستحبًا. فإن فات وقته ذبح الهدي الواجب قضاء.

ومكان الذبح: الحرم. لقوله تعالى: {… ثم مَحِلُّها إلى البيتِ العتيق…} [الحج: 33] والأفضل بالنسبة للحاج أن يذبح في منى، وبالنسبة للمعتمر أن يذبح عند المروة؛ لأنها موضع تحلل كل منهما.

أحكام أخرى حول الهدي:

1-  يجوز الأكل من هدي التطوع باتفاق العلماء لقوله تعالى: {فكلوا منها وأطعموا…} [الحج: 28[.

2- يجوز الأكل من الهدي الواجب بسبب التمتع أو القِران عند الأحناف والحنابلة.

3- يجوز الأكل من الهدي كله، إلّا فدية الأذى وجزاء الصيد والمنذور للمساكين عند مالك، فيجوز من الهدي الواجب بسبب ارتكاب أحد محظورات الإِحرام، أو بسبب فوات الحج.

4- وإذا جاز له الأكل، فيستحب أن يأكل ويهدي ويتصدق.

5- ويستحب أن يذبح بنفسه، أو أن يشهد الذبح، ولا يجوز أن يعطي الجزار أجرته من الهدي، ويجوز له أن يتصدق عليه منه.

حادي عشر: سنن الحج الأخرى:

وهي السنن غير المتعلقة بالأركان والواجبات.

1-  طواف القدوم لغير المتمتع والمعتمر، فهؤلاء يبدءون بطواف العمرة، أما المفرد والقارن فيسن له طواف القدوم، ووقته حين دخول مكة وصفته كصفة طواف الإِفاضة، إلّا أنه لا اضطباع فيه ولا رمل ولا يجب السعي بعده.

2- الشرب من ماء زمزم بعد الطواف، والصلاة، فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شَرب من ماء زمزم وقال: “إنها مباركة”، ويسن للشارب أن ينوي الشفاء ونحوه، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): “ماء زمزم لما شُرب له”، ويستقبل القبلة ويشرب على ثلاثة أنفاس، ويتضلع منه -أي يرتوي- ويحمد الله.

3- خُطَب الحج: وهي أربع خطب يؤديها إمام:

الأولى: يوم السابع من ذي الحجة بعد الظهر بالمسجد الحرام.

الثانية: يوم عرفة بنمرة قبل صلاة الظهر.

الثالثة: يوم النحر بمنى بعد صلاة الظهر.

الرابعة: يوم النَّفر الأول بمنى بعد صلاة الظهر.

 4 – المبيت بمنى ليلة عرفة. ومن السنّة أن يتوجه من مكة إلى منى يوم التروية الثامن من ذي الحجة، بعد طلوع الشمس، ويصلي بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر.

5- الإِكثار من الصلاة في المسجد الحرام، والطواف كلما دخله؛ لأن تحية الكعبة الطواف.

6- النزول بوادي المحصَّب أو البطحاء (بين جبل النور والحجون) أثناء النفر من منى إلى مكة، وهذا المكان هو الذي تعاهد فيه المشركون على بني هاشم وبني المطلب بالمقاطعة العامة، حتى يسلموهم الرسول (صلى الله عليه وسلم). وكان عليه الصلاة والسلام حريصًا على إظهار شعائر الإِسلام حيث ظهرت شعائر الكفر.

الفصْل السّابع : انتهاء مناسك الحج

أولاً: انتهاء مناسك الحج بالتحلل:

ويكون على مرحلتين:

– التحلل الأول: ويتم بفعل اثنين من ثلاثة أعمال هي:

رمي جمرة العقبة والحَلق وطواف الإفاضة. ويحل له بهذا التحلل كل محظورات الإِحرام إلّا النساء، ويبدأ وقت الأعمال الثلاثة فجر يوم النَّحر (أو منتصف الليل عند الشافعية).

– التحلل الثاني: ويتم بفعل العمل الثالث، ويباح به كل شيء حتى النساء، وقد يتم هذا التحلل في يوم النحر، ويُتم الحاج مناسك منى وهو متحلل.

ثانيًا: إفساد الحج:

لا يُفسد الحج بعد الشروع فيه إلّا سَبب واحد هو الجماع، ويشترط أن يقع قبل الفراغ من أعمال العمرة (للمتمتع)، وقبل التحلل الأول (للمفرد والقارن).

وفي هذه الحالة يجب على من أفسد حجه أو عمرته ما يلي:

1 – إتمام النسك الفاسد: ولا يخرج من الإِحرام حتى يتمه {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة: 196].

2 – الإِعادة فورًا عند الجميع إذا كان النسك فرضًا، وتجب الإعادة ولو كان النسك نفلاً عند الشافعية؛ لأن النفل عندهم يصير فرضًا بالشروع فيه.

3 – وعليه دم وهو أن يذبح بدنة، وذلك لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) لمن جامع زوجته وهما مُحرمان: “… اقضيا نُسكَكُما، أو أهديا هَدياً، ثم ارجعا… وعليكما حَجة أخرى…” رواه البيهقي.

ثالثًا: فوات الحج:

يفوت الحج بفوات الوقوف بعرفة، وهو طلوع فجر يوم النحر قبل حضوره عرفة. وإذا كان الفوات لعذر لا يأثم، وإلا أثم.

وعلى من فاته الوقوف بعرفة ما يلي:

1 – أن يتحلل وجوبًا بأعمال عمرة، ولا يجب عليه الرمي، ولا المبيت في منى؛ لأنها من توابع الوقوف بعرفة.

2 – القضاء الفوري في العام المقبل إن كان الحج الفائت فرضًا باتفاق، وإذا كان نفلاً يجب قضاؤه عند الشافعية أيضًا.

رابعًا: الإِحصار:

الإِحصار هو منع الحاج عن إتمام الطواف في العمرة، وعن إتمام الوقوف بعرفة أو طواف الإِفاضة في الحج.

وأكثر العلماء يرون أن الإِحصار يقع بكل ما يَحبس الحاج عن البيت، وعند مالك والشافعي: لا يكون الإِحصار إلَّا بالعدو.

ويجوز للمحصَر أن يتحلَّل، ويجب عليه عند ذلك ما يلي:

1 – ذبح الهدي، وأقلُّه شاة عند الجمهور أو بقرة أو بدنة لقوله تعالى: {… فإن أُحصِرتُم فما استَيْسَر من الهَدي…} [البقرة: 196].

2 – ويتم الذبح في مكان الإِحصار وحيث يتحلل.

3 – ولا قضاء عليه إلّا إذا كانت حجة الإِسلام.

الفصْل الثامِن : المناسك بالتسلسل الزمني

أردنا بهذا الفصل أن نلخص مناسك الحج حسب التَّسلسل الزمني لها، وذلك لتسهيل فهمها على الحجاج والمعتمرين، وقد قسمناها إلى أربعة أقسام هي:

أولاً: من العزم على أداء الحج حتى الوصول إلى الميقات:

يُستحب لمن عزم على أداء فريضة الحج أن ينهي معاملاته مع الناس، فيعيد الودائع لأصحابها، ويقضي ما عليه من ديون أو يُوكِّل بقضائها، ويكتب وصِيَّته ويرضي والديه، ويتوب من جميع المعاصي، ويحرص على أن تكون نفقته حَلالاً خالصًا من الشبهة، ويستكثر من الزاد، ولا يجادل فيما يشتريه للحج سواء من بلده أو في الطريق أو في الحرمين، ويختار رفيقًا أو جماعة من الحجيج يعينونه على أفعال الحج ومكارم الأخلاق، وعلى رفاق الحج أن يتحمل أحدهم الآخر ويحرص على إرضائه، وإذا كانوا ثلاثة أو أكثر فيجب أن يكون أحدهم أميرًا، وعليهم أن يطيعوه؛ ويجب عليه أن يتعلم أحكام الحج، ولا بأس أن يأخذ معه كتابًا في المناسك يرجع إليه عند الحاجة.

وإذا أراد الخروج من منزله يستحب له أن يصلي ركعتي السفر ثم يقول: “اللهمّ إليك توجَّهت وبكَ اعتصمت، اللهمّ اكفني ما أهمني وما لم أهتم به، اللهمّ زودني التقوى واغفر لي ذنبي”، ثم يودِّع أهله وجيرانه وأصدقاءه ويودِّعوه بالدعاء المأثور: “أستودع الله دينَك وأمانتك وخواتيم عملك، زوَّدك الله التقوى وغَفر ذنبك ويسَّر لك الخير حيث كنت” رواه الترمذي وأبو داود. فإذا خرج من المنزل قال: “اللهمّ إني أعوذُ بك أن أضِل أو أُضل، أو أزِل أو أُزل، أو أظلم أو أُظلم، أو أَجهل أو يُجهل عليّ، بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم” رواه الأربعة.

فإذا ركب دعا بدعاء السفر: “الحمد لله، سُبحان الذي سَخَّر لنا هذا وما كنا له مُقرنين، وإنّا إلى ربنا لمنقلبون… اللهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هَوّن علينا سَفرنا هذا، واطوِ عَنَّا بُعدَه، اللهمّ أنت الصاحب في السَّفر، والخليفة في المال والأهل والولد، اللهمّ إنا نعوذ بك من وَعْثاء السفر وكآبة المنظر وسُوء المنقلب” رواه مسلم.

ويستحب له الرفق وحسن الخلق وتجنب المخاصمة والمزاحمة، وأن يصون لسانه عن كل قبيح، وأن يكثر من ذكر الله واستغفاره وتسبيحه وتكبيره، ويواظب على أداء الصلوات في أوقاتها، ويستصحب معه البوصلة لمعرفة القبلة حيث كان.

ثانيًا: من الميقات حتى دخول مكة:

فإذا وصل إلى الميقات بدأ بالإِحرام، فاغتسل إن تيسر له ذلك – وهذا الغسل سنّة حتى للنفساء والحائض – ثم لبس ثياب الإِحرام، وصَلى ركعتين هما ركعتا الإِحرام يقرأ في الأولى سورة (الكافرون) وفي الثانية سورة (الإِخلاص) ثم يقول: “اللهمّ إني نويت الحج (مُفردًا أو قارِنًا أو متمتِّعًا) فيسِّره لي وتقبله مني”، ثم يُلبي بالصيغة المأثورة؛ وإن زاد عَليها فلا بأس، ويبين وجه تأديته الفريضة، ثم ينطلق باتجاه مكة، وينتبه إلى عدم الوقوع في شيء من محظورات الإِحرام.

وإذا كان السفر بالطائرة إلى جَدة مباشرة، فعليه إما الإِحرام من منزله، أو من المطار، أو في الطائرة؛ لأنه إذا وصل إلى مَطار جدة وهو غير محرم، يكون قد تجاوز الميقات ويجب عليه دم.

فإذا وصل إلى مكة المكرمة، يُستحب له الاغتسال قبل دخولها إن تيسر له، وأن يبادر إلى البيت الحرام -بعد أن يضع أمتعته في مكان أمين- ويدخل من باب السلام -باب بني شيبة- وهو يقول: “أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسُلطانه القديم من الشيطان الرجيم، بسم الله اللهمّ صلِّ على محمّد وآله وسلم، اللهمّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك”.

فإذا وقع نظره على البيت قال: “اللهمّ زد هذا البيت تَشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة، وزد من شرَّفه وكرَّمه ممَّن حجهُ أو اعتمره تَشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا…”. “اللهمّ أنت السلام ومنك السلام فَحيِّنا ربنا بالسَّلام”، ثم يتوجه إلى الحجر الأسود ويقبله إن استطاع، وإلّا أشار إليه بيده، ثم يشرع في الطواف، ولا يصلّي تحية المسجد، فإن تحية البيت الحرام الطواف، فإذا انتهى صلّى رَكعتي الطواف، ثم يَشرب من ماء زمزم بنية الشفاء ويرتوي منه.

وإذا كان الحاج مفردًا أو قارنًا فهذا هو طواف القدوم وليس عليه بعَده سعي. ولكنه إن سعى فيعتبر هذا سعي الحج، فلا يجب عليه إعادته بعد طواف الإِفاضة. وإذا كان متمتعًا فهذا هو طواف العمرة، ويجب عليه بعده أن يسعى بين الصفا والمروة ثم يتحلل بالحلق أو التقصير فتنتهي مناسك العمرة، ويتحلل من إحرامه ويلبس ثيابه العادية، بينما يظل المفرد والقارن في ثياب الإِحرام.

ثالثًا: من يوم التروية حتى يوم النحر:

إذا حلّ يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة، فعلى من كان متمتعًا أن يحرم بالحج من المكان الذي هو نازل فيه، ويفعل كما فعل عند الإِحرام الأول في الميقات، ويتوجه الجميع إلى منى، فيصلّون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويَبيتون فيها استعدادًا ليوم عرفة، فإذا حلّ يوم التاسع من ذي الحجة وهو يوم عرفة خَرج الحاج من منى بعد طلوع الشمس مكبرًا مُهلِّلاً ملبيًا حتى يصل إلى نمرة، وهي على حدود عرفة، فيغتسل إن تيسر له ذلك ثم يدخل عرفة بعد الزوال وهو بدء وقت الوقوف، ويظل واقفًا في عرفة يدعو ويكبر ويلبي ويقرأ القرآن، ويصلّي الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ويستمع إلى خطبة الإِمام، حتى إذا غربت الشمس توجه إلى المزدلفة بالسَّكينة والتَّلبية والذِّكر، فصلّى فيها المغرب والعشاء قصرًا بأذان واحد وإقامتين من غير تطوع بينهما، ثم يبيت في المزدلفة ويصلّي الفجر فيها، ثم يتوجه إلى المشعر الحرام يقف عنده ويدعو حتى يسفر ضوء النهار قبل طلوع الشمس فيتوجه إلى منى وهو يخلط التلبية مع التكبير.

رابعًا: من يوم النحر إلى آخر المناسك:

يوم النحر هو العاشر من ذي الحجة، ومن السنّة أن تؤدى أعماله مرتبة هكذا: الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم الطواف بالبيت، فإذا قدَّم وأخر بين هذه الأعمال فلا حرج. فإذا رمى وذبح وحلق، تحلل من إحرامه وحلَّ له كل شيء إلّا النساء، وهذا هو التحلل الأول، فإذا طاف طواف الإِفاضة حلّ له كل شيء حتى النساء، وهذا هو التحلل الثاني، وذلك إذا كان قد سعى بعد طواف القدوم، وإلّا فيجب عليه السعي بعد طواف الإِفاضة ولا يتم التحلل الثاني إلّا بذلك.

ثم يبيت بمنى ليالي أيام التشريق، ويقوم كل يوم برمي الجمرات الثلاث، فإذا تعجل في يومي الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة توجَّه بعد الرمي إلى مكة، وإن تأخر لليوم الثالث عشر من ذي الحجة توجه بعد الرمي إلى مكة، وهكذا تكون المناسك قد انتهت، وإن كان الحاج مفردًا يستحب له أن يعتمر فيخرج إلى (التنعيم) ويحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، ثم يستحب له الإِسراع بالعودة إلى بلده، وعندما يعزم على مغادرة مكة يطوف طواف الوداع دون سَعي، ويصلّي بعده ركعتين، ثم يدعو بما شاء. ويستحب له زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة إذا لم يكن قد زاره قبل الحج.                    

الفصْل التاسع : زيارة المدينة المنورة

عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: “لا تُشد الرِّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى” رواه الشيخان وأبو داود. وعن جابر (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “صلاةٌ في مَسجدي أفضل من ألفِ صلاة فيما سواه إلّا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة ألفٍ فيما سواه” رواه أحمد بسند صحيح. وعن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: “من صلّى في مسجدي أربعينَ صلاةً لا تفوته صلاة، كُتبت له براءة من النار وبراءة من العذاب، وبرئ من النفاق” رواه أحمد والطبراني بسند صحيح.

لذلك يستحب للمسلم زيارة المدينة المنورة بنية زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، وبنية زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) وصاحبيه أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما). وتكون الزيارة أكثر استحبابًا قبل أو بعد أداء مناسك الحج. فإذا وصل إلى المدينة المنورة يُستحب له الاغتسال والتطيُّب، وأن يلبس أجمل الثياب، ثم يأتي مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيدخل بالرجل اليمنى ويقول: “أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. بسم الله. اللهمّ صلِّ على محمَّد وآله وسلم. اللهمّ اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك”، ثم يأتي الروضة الشريفة وهي ما بين بيته (صلى الله عليه وسلم) ومنبره، وقد سمّاها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) روضة من رياض الجنة كما روى البخاري. فيصلّي فيها ركعتين تحية المسجد، وإذا لم يستطع صلّى في أي مكان آخر، ثم يتَّجه إلى القبر الشريف فيستقبله بوجهه مستدبرًا القبلة ويسلّم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويصلّي عليه بما هو أهله، ثم يُسلم على أبي بكر الصديق ثم على عمر بن الخطاب، ثم يستقبل القبلة، ويدعو لنفسه وللمسلمين بما يشاء ثم ينصرف.

ويجب تجنب التمسح بالحجرة وتقبيل الجدار ورفع الصوت والتمسك بالشبّاك، كما لا يجوز الطواف بقبره (صلى الله عليه وسلم). ويستحب زيارة مشاهد المدينة ومن عرف قبره بها، وزيارة شهداء أُحد، وزيارة مسجد قباء والصلاة فيه، فقد قال (صلى الله عليه وسلم): “من تطهَّر في بيته ثم أتى مَسجد قباء فصلّى فيه صَلاةً كان له كأجر عمرة” رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال: صحيح الإِسناد.

الفصْل العاشر : العمرة

أولاً: تعريفها ومشروعيتها:

العمرة هي الزيارة. والمقصود هنا زيارة الكعبة لأداء مناسك مخصوصة. قال (صلى الله عليه وسلم): “عمرة في رمضان تعدل حجة” رواه أحمد وابن ماجه. أي أن ثوابها يعدل ثواب حجة غير مفروضة، ولكنها لا تسقط الحج المفروض.

وقال: “العمرة إلى العمرة كَفارة لما بَينهما، والحج المبرور لَيس له جَزاءٌ إلّا الجنة” رواه الشيخان وأحمد.

وأجاز جمهور العلماء تكرارها في السَّنَة ما شاء، وكره مالك الاعتمار أكثر من مرة في السنة.

وقد اعتمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربع مرات: الأولى عمرة الحديبية، والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة الجعرانة، والرابعة مع حجته. رواه أحمد وأبو داود.

ثانيًا: حكمها:

وهي سنّة مؤكدة عند الأحناف والمالكية لحديث جابر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سُئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال: “لا، وأن تعتمروا هو أفضل” رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

ثالثًا: وقتها:

يجوز أداء العمرة طيلة أيام السنة باستثناء يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، فإذا تعجَّل في يومين جازَ له أن يعتمر، والأفضل أن يؤجل العمرة إلى نهاية أيام التشريق، وقد اعتمرت عائشة بعد الحج في شهر ذي الحجة.

رابعًا: ميقاتها:

من كان خارج المواقيت المكانية للحج فميقاته للعمرة هو ميقات الحج نفسه. ومن كان داخل هذه المواقيت فميقاته حيث يكون لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “حتى أهل مكة من مكة…” متفق عليه، وقد أحرمت عائشة بالعمرة من (التَّنعيم) حسبما أمرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (متفق عليه).

خامسًا: أركانها وواجباتها:

أركانها: الإِحرام- الطواف- السعي عند المالكية والحنابلة، وزاد الشافعية الحلق والترتيب، أما واجباتها وسننها وسائر أحكامها فهي كالحج.